الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021

ابن القصيم البار

كم من أرض كبيرة وثمينة من أملاك الدولة داخل مدينة بريدة حامت عليها أنظار الجشعين 

فكادت أن تستقطع ؛ لكن الابن البار والنزيه صرف عنها العيون وصد الأنظار

فما بين عشية وضحاها و بأسرع من البرق أمست أرضاً بيضاء وأصبحت وهي حديقة خضراء متكاملة النبت والغرس 

فمن هو هذا الابن المخلص ؟؟

إنه سعادة مدير الشئون البلدية والقروية بالقصيم الدكتور /ابراهيم بن عبدالرحمن البليهي 

ابن القصيم الذي شاهدته وهو مجاز يعمل مع رجاله في أحد حدائق بريدة


الأبيات 

******* 


مُصاحِبُ العجزِ منه الصّبرُ قد نَفِدا        وراكِبُ الحــزمِ للمطـلوبِ قد وَرَدا

وفاســِدُ الــرأْيِ تــــرَّاكٌ لِــنُـهزتِه        إنْ فاتَه واجِــــبٌ ما هــمَّــه أبــــدا

وصــادِقُ العـــزمِ نـهَّــازٌ لِفرصتِه        إنْ بان حـقٌ له لم يــسـتـشِــرْ أحـدا


كم بالجهالةِ يُضني القـــومَ واحدُهُم        فيزرعَ البغـضَ والأحـقـادَ والحسدا

وبالمـروءةِ كــــم قد قــــام عاقلُهم        لِيطْردَ الــهـمَّ والأحــزانَ والكَـمـدا

ويبـذلُ الخــيـرَ للأوطـانِ أخـلصُها        فيرفعُ السـقـفَ والعـمـرانَ والبـلدا


شَتـَّان بين الذي يـبْـنيْ ومن هــدما        فذاك من ذاك للـتَّــمـثـيــلِ قـد بعُـدا

تَبْقى الرجـــالُ إذا تَبْــقى مآثِــرُها        ويُدركُ المجدَ مَنْ بالصّبــرِ قد سعِدا

جلَّ الذي خـلـق الأفـــذاذَ والهِـمما        وصيَّر الصّبرَ مفـتــاحــاً لما وُصِدا


قِسْ ذاك في عـمـلٍ يسـمو بِصاحبه        فيُصـلِحُ الأهــلَ والإخــوانَ والولدا

فإن طـلــبتَ لهــذا الأمــرِ بِّـيـنَـــةً        فسُنبلُ الزرعِ بـاقٍ عـند من حصـدا

وإن أردتَ دلـيــــلاً نـسـتــضِئْ به        مثلَ البُليهيِّ ابـراهــيــم لـن تـجِــدا


رمزَ النزاهةِ والاخلاصِ والشـرفِ        ماضيِ العزيـمـةِ مِنـجــازٌ لما وعدا

ابنُ القصيــمِ وما شــيءٌ يمــاثـلُــهُ        فما ترى شــــاهــقــاً إلا له شـهِــدا

فاسْأل ربوعَ القصيمِ الخُضرَ أجمعَها       لذُروةِ المجدِ كيف اليومَ قد صعِـدا


واســأل كـثـيـبْـــاً وتلًَّا عن عزيمتهِ        وكيف نال المُنى من بعـدِما صمـدا

واسألْ كذاك شــيـوخَ الحــيِّ كلَّـهُمُ        واسأل رضيعاً بِحضْـنِ الأمِ قد مُهِدا

ابنُ القـصيــمِ ولــيـت الحظَّ يسعِفُه        حتى يُنــفِّــذَ ما في الفـكـر قد حشدا


أعطى الحياةَ دروســـاً من تجارُبِه        فأحـكـــم الأمــرَ لمَّـا قــام أو قـعدا

وقام يضرِب للأجــيــــالِ أمـثــلــة ً       فأُلْهِمَ الخيـرَ والإخـلاصَ والـرَّشَـدا

فما تراه أتـــى يــومـــاً على عملٍ        إلّا واتْــقــن فـيــه الـضَّبـط والعددا


ساس الأمورَ بإتــقــانٍ على قـــدرٍ        فمـا جـــديــــــدٌ بــدا إلا له حـفَــدا

ماضي الجَنانِ يُرِيك الحزمَ قبل غدٍ       فاســأل خــبـيــراً بـه راوٍ لما عهِدا

هذا القصيمُ به قد صار مُـزدهِــراً        تفجَّــر النّـبـــعُ مـنـه أنهُــراً جُــدُدَا


هذا القصيمُ لنا غــنّــتْ بلابِــلُــــه        يَــدُ البُـليـهيِّ قد أضحـت لهُ سـنــدا

هذا القصيمُ فما أحــــلـى أصـائِلَـه       قد صار من عجبٍ في الحُسنِ منفرِدا

قام البُليهيُّ للعـمــــــرانِ يـدفـعُـه        فــردَّ للأرضِ مافـي ســالِـفٍ فُـقِــدا


وحوّل الأرضَ بـســتـاناً وقال لهـا        أُقَــدِّمُ النـفـسَ للأوطــانِ والجـسـدا

فأصبـحــتْ روضـةً غـنّــاءَ مُثمرةً        تـمــــدُّ أغـصــانُـهـا للزائـرين يدا

ولطّف الجو بالأشجــارِ مُتّـخِــــذاً        غـرائسَ النخــلِ للتجـمـيلِ حين بدا


وردّد الطيرُ ألحــــاناً يجـــاوِبُــها        شُكرٌ من القلبِ قد أضحى لها رفـدا

وصاحب الجُهدَ نَيْــــلٌ من شمائِلِه        فأظهـر الصـبـرَ للإِبـداعِ والجـلـدا

وخــاطــب العقلَ لمّــا قــام يسألُه        لن تبلُغَ المجــدَ حتى تَفْـلَـحَ الكَبِــدا


تاللهِ لـــو أننّــا طِـــرنـا بأجـنحـةٍ        مثل البليـهــي كـنـا ســـادة عُـمــدا

ديـنٌ وعلـــمٌ وبعدٌ عن سفـاسِـفِـها        شِعارُه أن يســيـر الخـــيـرُ مُطَّرِدا


فما تراه مـن الإبــداعِ معـجـــزةً        مادار في خَــلَــد الأيـــام ذا أبــــدا

فحين أذكر نــــزْراً من فـضـائلِه        فالغيثُ فـيـــضٌ فـلــم نبـلغْ له أمدا

فلستُ اذكر أن الشمسَ طـالعــــةٌ        فالشـمسُ يدرِكُها الأعمى وإن جحدا


ولستُ أذكر أن الـبـــدرَ هـالتُـــه        فالبـــدرُ هـالـتُـه تبـقى متى وُجِــدا

ولستُ اذكر أن السـيفَ رونــقُــه        فالـسـيــفُ رونـقُــه باقٍ وإن غُمِدا

ولستُ أذكر من كلَّــت سـواعِــدُه        فذاك واجبُــه أن يفـتُــلَ العـضُــدا 


ولستُ أذكر من صحَّتْ عزائمُــه        فصار للخــيــرِ مِعْــواناً ومُســتندا

ليس الثناءُ أناشـيــــداً نُـرتـلِهـــا        وإنما كـــان عـنـــد اللهِ مُحْــتَـمـدا

أعيا اللسانَ عن التمجيدِ ماصنعت       يمـينُـه حيثُ فـاق الحـصرَ والعددا


فهــل رأيـتَ مُجـازاً قام محتسـبا        للهِ يعــمـــلُ تـــوّاقـــاً ومجـتـهــدا

فإنْ بحثتَ عنِ الإخــلاصِ تطلبـه        من غـــيـــــرِه أبــداً ظني به وُئِدا

فلستُ أعرفُـــــه إلا بعــــزمـتِــه        أوبالإشــارةِ ذا من فـكّــكَ العُـقَـدا


فاللهُ يحفـظـه مِــن كــلِّ نـائـبـــةٍ        واللهُ يـرزقُــه من نـصــــرِه مـددا

واللهُ نســــألــه في كـــلِّ نـافِـلـةٍ        طولَ البقــاءِ لمن قد أُلْهِـمَ الـرّشـدا


**********

تمت 


السبت، 31 يوليو 2021

وقفة على ديار الأباء والأجداد


هذه وقفة وتنقلٌ بالجسم لا بالخيال وتبعٌ لمن سبقونا أو من أدركنا من الأخيار وما تبقى لهم من دور وديار وأثار 

وأخبار أنقلها لك بالصوره والأمانة بأوزان من البحر الطويل وقافية المتدارك.

فتلك ديارهم مدنٌ متراميه وقرى متقاربه وبيوتٌ متلاصقه وشوارع ضيقه متقاطعه من الحجر والطين واللبن صممت

 ومن خشب الاثل وجريد النخل سقفت ، مجالسهم بالضيوف عامره وابوابهم للزوار مفتوحه، 

شوارعهم ملاعب اطفالهم فكأنما المدينة أو القرية بيت واحد لا فوارق ولا فواصل بينهم، 

وهم مع قسوة الزمان وسوء الأحوال احيانا في عيشة راضية وسعادة متناهية 

عقول راجحة وهامات شامخه وجبال راسية وهمة عالية ويدٌ عاملة وشجاعة باسلة غزلتها الأيام ونسجتها الأحداث 

وصقلتها المواهب وعركتها التجارب

 أهل عزة وكرامة وعفة وشهامة وشدة وصرامة وجوهٌ مقبلة وصناديقٌ مقفلة ونفوس واثقة وكلمة صادقة مجالسهم مدارسهم جزاهم الله عنا كل خير.


وقفة على ديار الأبـاء والأجداد وهي من البحر الطويل


الأبيات

******


ترحّــل جيلي فاستـرابَ فـؤاديــا       وغـالـبـني هــمّي فـجـَـــرَّ وِسـاديــا

تــعـجـَّل ربعي يوم خفّ ركابُهـم       فلامسَ قـلـبي اليوم ماليس خــافِــيـا

تـداعوا جميعًا واستحثُّوا مطيَّهم       فلم يبق إلا طـاعــــنُ السنِّ ثــــاويـا


تدرَّجَ جـيـلي واحـدًا بعــدَ واحـدٍ       فأصبحتُ منهم قابَ قوسيـن ِدانـــيـا

تغـيّب أقراني وأهــلي و رِفـْقـَتي       فشُلـَّت يميني واستـماتَ شــمـالـيــا

صِحابٌ و جيــرانٌ و أهلٌ وإخوةٌ       فكم كـنـتُ فيهم رافعَ الرأس ِعـالـيا


و جاورتُ أقـوامـاً وجيلا ًمغـايرا ً      هــوايَ هـواهُم فاسـتحالَ مُـقـامـيــا

وضاقت بيَ الأرضُ الفسيحة ُبينهم       وضقتُ بهم ذرعاً وضاق مكـانـيـا

فشــرقتُ حيناً ثم  غرَّبتُ بعدهـــا      أســيـرُ إلى الأطـلال مشيًـا وحافـيـا


وقـفـت ُبها صبحًـا و قبلَ عــشـيةٍ       ومِحـتُ بِها دلوي وقد كنتُ صاديـا

أُسائــلـُــها لـكـن تعــذَّرَ ردُّهــــا       وكيف لـبـــالٍ أن يُجــيبَ مُناجِـــيـا

ألا أيـنَ من بالأمسِ قد كان بيـنـَنا       وأين سراجُ البيتِ هل بات طـافـيـا


و أين عــميدُ القوم ِهل زارَ قبـرَهُ       وهل قصرُهُ للأرض ِصار مُـسـاويا

و أينَ لُيـوثُ الحيِّ أينَ زئـيـرُهـا       مساكنُهم قـفــرٌ وتشكو التجــافــيـا  

وأينَ غدت نيــرانُ ليل ٍ و قـــرِّهِ       عليها أســـودٌ تستــديـرُ ضـــواريا


وأين شيوخٌ قد سعِـدنَا  بـِذكرِهــم       فكان لهـيبُ الصمتِ والردِّ قـاسـيـا

سـكوتٌ وصـمتٌ قاتـلٌ لخــرائبٍ       عليها غـرابُ البــين ِحلـّــق عاليـا

على شُـرفــــاتِ الحيِّ ينعِقُ قائلا       طوى ذكرَهم مَن كان للأمس ِطاويا


تصــدَّتْ لهم أمُّ الـُّلـهـيـم ِوبنتـُـها       فراحوا جماعاتٍ و راحـوا تـواليا

فوجّهــتُ وجهي بعدُ تلقاءَ دُورِهم       لأنّ بـهـا شـيئــاً هـناك بــدالــيـــا

هنـاك بِنــــايـاتٌ لهم و شـــوارعٌ       معـالمُــها سِــرٌّ يـــدور بِـبــالــيـا


تجــوّلتُ  في الأحياءِ لكن وجدتُها       تغيّـر منها الشكــلُ ليست كما هيا

بيــــوتٌ و آثــارٌ لقـومٍ ترحّـــلـوا       فكــلُّ الذي فيها غــدا مُـتـنـــاهِيا

فــــما هالـني إلا مكانُُ جلوسِــهـم       يؤجِّجُ صدري كيف أصبح خـاليـا


و قـــصـرٌ مَشيدٌ قدْ تـقادمَ عـهــدُهُ       عليهِ بـَنـَتْ هـُوجُ الرّياح ِ سَوافـيـا

بداخــــلِهِ بهــوٌ ومـجلسُ نِـسْـــوةٍ       وبابٌ دقيقُ النـقـْشِ ما زالَ بَاقِــيـا

وعودُ رَحـــاهم والثـِّفــالُ بِجَـنـْبِهِ       ومِنـْـخَاسُها باقٍ يـلـوحُ مـُحـــاذِيــا


وجِـــرمُ سِـــراجٍ لاصـقٌ بـجدارهِ       عليهِ تـَرى وسْمًـا مِن الَّلمسِ باقـيـا

ورفٌ بعرض ِالجَــدْرِ فيهِ مَكاحلٌ       وثـقـْــبٌ لـذاكَ الـرَّفِّ كانَ مُوالِـيـا

وملعبُ أطفالٍ ومِهْـراسُ حِـنـْطـَةٍ       وقـدْرُ نـُـحـاسٍ ماثـــــلاتٌ أمـامـيـا


وبعـــضُ أوانٍ  والسِّــقاءُ مُعَـلـَّقٌ       تـَتَـبَّـعْــــتُها أدنـى فأدنى فقـاصـيـا

ومجلـسُ زوَّارٍ ومحـــماسُ قهـوةٍ       وذلك مـاقــدْ أشعــل الـنـارَ ثـانـِيـا

وفأسٌ ومقطاعٌ  ومِحْــجَـنُ قـِرْبـةٍ       وأُخرى وأُخــرى قـَدْ تَركتُ ورائِيا


بـقــيّـة ُ آثــارٍ لـقــومٍ  ترحّــــلوا       فمعـذرة ً إنْ كـنتُ  للبعـضِ نـاسيـا

وقفتُ على رجلٍ وأخرى رفعـتُها       وقفتُ بهـا حــتـى تــورَّمَ ساقِــــيـا

وطال وقـُوفي ثم أهْـويتُ قـاعـدا       وأكملتُ جثـْـيًـــا ثم أتـْمَمْتُ حَابـِيـا


وجَمَّعْتُ نفسي فاتَّكأْتُ على العصا       وفارقـْتـُها لمَّا تـَـــرَاخَتْ حِبـالِـيـا

وما بعدَ ذا أو ذاك عدتُ وعندَهـا       تـمــنـيـت أنِّي لا عــليَّ ولا لــيـــا


********

تـــــمــــت

الأحد، 24 يناير 2021

(حنينٌ إلى الماضي )

 


تصابيتُ مـــــراتٍ لأرجعَ يافعـــــًا       ولكن زِنادُ الشّيبِ أشعل راسيـــَــا

أعيشُ على الماضي وفي كــلِّ ليلةٍ       أصيحُ بأعلى الصوتِ عُدْ يازمانيا


الأبـيـــات

 ****************

  

ألا ليــتَ أنِّي لم أُراوحْ مكانيـــــــــا       وعُمْــريَ للعـــشرينَ يرجعُ ثانيــا

وإِلّا علـى بعضِ الأقــــلِّ فــلـيـتَــــه       إلى الخمسِ والعشرينَ قرّب دانيا

وليـــت مشـيــبَ اليــومِ يرحـلُ أوَّلاً       وأنْ شبـــابَ الأمسِ لي عـادَ تالِيا


إذا شبَّ أعلى الرأسِ يـوماً سِـراجَه       فقل مرحباً بالشيبِ ضيـفاً وغازيا

تَحفَّ به أيضاً وأكرمْ نزولَـــــــــــه       ومُدَّ له اليمنى رضــاً وتصافيــــا

لَعمرُك هذا الشيبُ لاشــيءَ غيـــرُه       وماهو آتٍ كــــان لابُــــدَّ آتِــيــــا


أراني ولّما قـبّــل الشــيـبُ هـامــتي       تذكرتُ أيّـــاماً مضَــــت ولياليـــا

ورِفقةَ أصحابٍ وغــفْلةَ صِبْـيـــَــــةٍ       وعِشرةَ أقـــــرانٍ تمـــرُّ بباليـــــا

ودارًا وقفتُ اليومَ أسألُ رسـمَــهـــا       بها ذِكرياتٌ لم تفــــارقْ خيالِيـــا


عرفتُ بها معنى الحياةِ وسِــــرَّهــا       دَرَجْتُ بها حبْوًا وزحْفـًا وماشـيا

وأهلاً وجيرانــًا كـرامـًا تطــــايروا       طواهم من الأيّــامِ ماكان طـاويـا

فكيف أنــــا من بعــــدِ أمٍّ و والـــــدٍ       وماذا أنا من بعـــدِ عـمِّي وخاليـا


وكيف أنـا والصّـحـبُ ودَّع جُـلُّـهــم       ومَنْ هو باقٍ ظلَّ في البيتِ ثاوِيا

وكيف أنا والـسّـاقُ مـنِّـي تقـوَّســتْ       وظـــهريَ أمـسى للهلالِ مُحاكِيا

وأصبحتُ في ضعفٍ لسمعٍ ورُؤيــةٍ       وماهو صلبٌ صار هشّــًا وباليـا


أسيـــــرُ بأقـــدامٍ خُـطـاهـا تـقـاربت       أدِبُّ دبيـبــاً حين أُسرِعُ عاديـــــا

تُغازلني أيّـــامُ لهْــوِي وصَــــبْـوتي       وأُخرى بَـدَتْ أيــامَ شَرْخِ شبابيـا

إذا ماذكرتُ البعضَ أو بعضَ بعضِها       تلاحقتِ الآهاتُ تترى تواليــــا


وعاودني مــــاضٍ أُطـــارِد خـيـلـَـه       وطَـــاولني هـــمٌّ وقــلَّ كلاميــــا

فكم مــرَّةٍ مــــرَّتْ عــــليّ ومـــــرَّةٍ       تمنَّـــيـتُ أنِّـي لاعــلـيَّ ولالـــيـا

أراني وقــد جــاوزتُ سبعـينَ حِجّةً       وجاوزتُ تسعاً بـعدَها أو ثمانيــا


وأوشكتُ أو قاربتُ أُمسِــكُ بالعصا       وكلُّ قريــبٍ قــد تَباعـــدَ نائِيــــا

أُجــاوِرُ جيلاً قد تجـــاوزتُ جيلَه       له رغَبَاتٌ لا تـمــــاشِي رِكـابِيـا

أُروِّضُ نفــــسـي للـبــقـــاءِ بِقـربِه       فأزدادُ بُعْدًا شاسِـــعــًا مُـتَـنـاهيـــا


إذا طال عُمْرُ المـرءِ طـال عـنــاؤُه       لكثرةِ ما أبْــــلىَ و ودَّع غـاليـــا

فكيف بمَن أمضـى الثّمانـينَ حينَها       أيذكر شيـئــًا مرَّ أم كـان ناســـيا

فيا ابن الثّمانينَ الثمــانـون كـيـفـها       فهل تَرَكَتْ شيـئـًا لمِا كنتَ نـاوِيا


أراك لمِا بعدَ الثــمانـين أو بِــهــــا       تَتُوقُ لِمَاضـيــك البعـيدِ تصــابِيـا

حياتُك ساعاتٌ مضَــت ودقــائِـــقٌ       فما فات منها صار فِعلاً وماضِيا

هُزالٌ وضعفٌ جاء من بعدِ شيـبـةٍ       فحسبُك ماذا بعـدَ ذا كـنتَ راجـيا


فما دُمتَ فيها ســـالماً ومُســلَّــمــا       تـداركْ سُـويعــــاتٍ بها وثـوانـيا

ومادام في تلك الحـــيــاةِ بـقــيـــةٌ       فكـنْ لكتــــابِ اللهِ والذكــرِ تــالـيا

فلم أر كالقرآنِ عونـًا على التُّــقـى       ولم أر كالــــقـــرآنِ للـهـمِّ جـاليـا


أراني على مَرِّ الليــالي وطولِــهـا       أراقـب مابعـــدَ الثـمـانـيــنَ آتِــيـا

أُقلِّب طَرفي يَـــــمنةً ثـم يَـســـــرةً       فأخفِضُ تحــتــًا ثـم أرفـع عـالـيـا

فأذكر أجيالاً تَــــوارى زمــانُــهــا       بجانِبِ جيـــلٍ قد تـركــتُ ورائـيـا


تَصــابـيــتُ مـــرَّاتٍ لِأرجِـعَ يافِعاً       ولكنْ زِنَادُ الشيبِ أشعــــل راسيَا

صحيحٌ ليالِ العُــمرِ مـرّتْ سريعةً       ولكنْ لِــمَن أمسى مِنَ الهمِّ خـاليا

فلو كان لي من دعـــوةٍ مســتجابةٍ       تمنَّـيـتُ أيّـامـــي تعــــود كـمـاهِيا


سليماً وفي ديني مـعـافـاً ودنـيــتي       وأهلي وجيراني وصـحـبي أمامِيا

وأَنَّ زماناً فات يـدنــــو بأهــلِــــه       وأنِّي شبابٌ مابَــرِحـــتُ مـكـانـيـا

أمانِيُّ شيخٍ صار في السِّنِّ طاعِناً       وإن كان قبلاً لايحـبُّ الأمـانـيــــا


فـويـحٌ لعــيـني إنْ تَـرَمَّـــدَ جفنُها       وويلٌ لقلبي إنْ تذكّــــرا ماضــيـا

أعيشُ على الماضي وفي كلِّ ليلةٍ      أصيحُ بأعلى الصَّوتِ عُدْ يازمانِيا


********

تمت في 1440/8/13هـ