إهـــــداء/
إلى كلِّ مَن هـُمِسَ بأذنِه وفـُجِعَ بابنِه, فـَتَحـَرَّقَ قـلـبـُه وتعـذرَ طِـبـُّه وتـكـدَّرَ صفـوُه , وتـبـيـنَ ضعْـفه وتجـرَّحَ جَـفـنُه , وتـَبـَلـَّدَ ذِهــنـُه ووهى زَنـْدُه , وكَلَّ عَـضْـدُه , وأطِـيـل مَـعـْضُـه ونـُهـِـشَ بـَعْــضُـه وأُثـقِـلَ كَاهِـلـُه وبُـرِّكَ حَـامِـلـُه , وفـُلـِذ بـِكـَـبــدِه وعُــزِّي بــِوَلـَـدِه . فـشـالـَت نعـامَـتـُه وطـَارَت حَـمَامـتـُه . فـَغـَدا ظـَهْـرُهُ مِنَ الـقـَوسِ أحْـنى , والـمَـوْتُ مِـنْـهُ قـابَ قـوسـيـنِ أو أدْنـى.
أجـل إنـَّها مَرْثِـيـَة ُولـَدي وفـِلـْذةِ كـبـِدي عَـبد الـَّلطِـيـفِ الـَّذي وافـاهُ أجَلـُهُ الـمحتـُومُ يـومَ الـسبـت بَعْـد شُرُوقِ الـشَّـمسِ في الحَادِي عـَشَرَ مِن شَهْـرِ ذِي الحجَّه سَـنة َاثـنـتـَيْـنِ وعـِشْـريـنَ وأربـَعِــمـائـَةِ وألـفٍ هِجْـريـَّهِ إثـْرَ حَادِثٍ مُرُورِيٍّ وكـانَ في الـتـَّاسِـعَـة َعَـشَـرَ مِن عُـمُرهِ يـوم تـَوَارَى في قـَبْــرهِ في مَـقـْبـَرةِ الـمُـوطـَّـا فـي بـُرَيـْدة وهـذا هـو الجُرحُ الـثاني والجَـدِيــدُ الـذي تـَـوَلـَّدَ بـيـنَ الـضُّـلـُوعِ كـَمَا تـُـشِــيـرُ إلـيــهِ الـقـَصِـيْـدةُ في أبـيـاتهـا الأولى .
أمَّا الجُرحُ الأوَّلُ والقـديمُ ... فهـو صَديـقُ الـطُّـفـُولةِ والصِّبـَا والـشـَّبابِ والـَّذي عـَلـيـْه سَـمّيـتُ ابْـني....وَهـوَ عـبـد الـَّلطـيـف بـن إبْـراهـيـمَ الـرِّشـُـودي الـَّذي وَافـَاهُ أجـلـه ُ فـجْـأةً يـوم الجـُمْـعـةِ في الـثـامِـن والعـشْـريـن مِـنْ شـَهــــرِ جُـمَادى الآخِـرَةِ سَـنـةَ ثـَمـَـانِـيـنَ وثلاثمائَة وألف هجـريّه وكانَ أيضاً في الـتاسِعـةَ عـَشرَ من عـُـمُرِه.
فـكانا رَحِـمَهُـمـا الله مُـتـشـابـِهَين في كل شيء حـتى في سـنِّ الـوفـَاةِ ومَـوْتِ الـفـَجْـأة .
مُسَمَّاهُما عـَبْد الـَّلطيف كِلاهُـمَا وعـُمْرَاهُمَا في الـَّلحْدِ كانَ مُوَحَّـدَا
***********************************
الأبيـــات/
مِنَ الهـَـمِّ والأوْهَـامِ فِـكـرِي تـَـبَـدَّدا وَجُــرْحٌ قــَدِيـمٌ في الـفـُــؤَادِ تجــَــدَّدَا
فـَذاكَ قـَدِيـمٌ شَـتـَّتَ الذهْـنَ عُـمــقـُهُ وَهَـذا جـَـديــدٌ في الضُّـلـُوعِ تــَوَلـَّــدَا
فَـذاكَ صَـديـِقٌ قــدْ تـَـقـَـادَمَ عـَهْــدُهُ وَهـَذا وَلـيـْـدٌ جـُــرَّ مِــنـِّي وأُبــْعـِـــدَا
مُـسَمَّاهُـمَا عـَبْـدُ اللـطِـيْـفِ كِلاهُـمَا وَعُـمْرَاهُـمَا فِي الـَّلحْـدِ كانَ مـُوَحَّـــدَا
فـَـأوَّلُ هــذِيْـنِ الـفـَقِـيْـدَيْـن ِعــلـَّـني وَثـَانـِيـْهـِمـا قـْد زَادَ قــلـْبـي تـوَقـــُّـدَا
فيَََا نفـْس لَيْسَ الأمْرُ دُنيـاً وَتنقـَضِي فـَعُــمْـرُ الـفـَتى لا شَـكَّ بـَاتَ مُـحَـدَّدَا
ولكِنـَّهُ المِـيْعَـادُ وَالعَــْرضُ بَعْــــدَهُ وَرحـْــلـَـة ُأيــَّــامٍ وَدَيـْــنٌ تـَـسـَــــدَّدَا
فـَمَا كانَ يَوْمُ الحَـشْـر شـيْـئـًا نظـنـُّهُ ولـكــنـَّهُ الـمِـيـْزَانُ لِـلعـَـدل أُوجــِــدَا
فـَإنْ كـنْـتِ مِنِّي تـَطْـلـُبِينَ حَـقِـيقـَـة ً دَعِـيـنِي هُـنـَا كيْ لـِلحَـقـَائِـقِ أسْــرُدَا
هَبـِيْنِي بَقِيْتُ اليَوْمَ فِي السِّنِّ طاعِنـًا وَإلا كـَمَا قــَدْ كـنْـتُ بالأمْــسِ أمْـرَدَا
فـَهـَلْ بِحَـيَاة ِالـذلِّ وَالخَـوْفِ رَاحَـة ٌ إذا مــا قـَلـيْــلُ الـزَّادِ صـَـارَ مُـهَــدَّدَا
لَدَيَّ تـَسـَـاوَى كـلُّ رَطـِـبٍ وَيَابـِـسٍ وَكـلُّ ضَـعِــيـْفٍ أوْ قـَــوِيٍّ تـَشـَـــدَّدَا
لَدَيَّ تـَسـَاوَى نـَاعـِــقٌ جَـاءَ نـَاعِـيَا وَصَوْتُ بَشِيـْر قامَ فِي الناس مُنـشـِدَا
فـَلـسْـتُ بـِهَــذا أوْ بـِـذاكَ مـُـبـَالِـيـَا لأنِّي غــَدَوْتُ الـيـَوْم َعـَقـلا ً مُـبـَـلـَّدَا
فـَحِـيـنـًا تـَرَانِي أنْـتـَـمِي لِـطبِـيْعَـتِي وَحِـيْـنـًا تـَـرَاني لـِلـوُحُــوش ِمُـقــَلـِّدَا
فـَلا فرْقَ عِـنـْدِي بَيْـنَ ذاكَ وَبَيْنَ ذا أكـانَ عَـصـًا أمْ كـَانَ سَـيْـفـًا مُهَـنــَّدَا
فـَلا أطْـعَـمُ الـمَاءَ الأجَـاجَ مُـسَخـَّنـَا ولا أطـعـَـمُ الـمَـاءَ الـزُّلالَ مُـــبـَـرَّدَا
وَلا َأسْـتطِيْـبُ البَـيْـتَ وَالحَـالُ هَـذِهِ ولـَو كانَ ذاكَ البَـيْتُ قـصْرًَا مُـشَـيَّـدَا
تَنـَغَّـصَ عَـيْـشِي وَاستـبدَّ بِيَ الأسَى فـَلـسْـتُ طـلِـيـقـًا أوْ أسِـيْـرًا مُـقـَـيــَّدَا
تـَنـكـَّرَتِ الأيـَـامُ واعـْـوَرَّ طـرفـُهـَا فــَمَــا صـَاحـِـبٌ إلا عـَـليَّ تـَمَــــرَّدَا
فـَمـَن عـَرَفَ الأيـَّامَ والنـَّاسَ مِـثـلمَا عـَرَفـْتُ تـنـَحَّى وَاسْـتـَرَابَ وأبْـعـَـدَا
هـُـمُـومٌ وَأحْـــزَانٌ عَـليَّ تـَكـَـالـَبـَت فـَـأهـْـوَنـُهـَا مَا كـَانَ صَعــْبـًا مُعَـقــَّدَا
فَلسْتُ أطِيلُ الشُّـؤْمَ في الناسِ كلـِّهِمْ وَلكنْ بَدَأتُ الـشُّـؤْمَ مِنْ حَـيثُ قدْ بَـدَا
فـَيَا أيُّهَا الـغـَازِي فـَدُونـَكَ صَهْـوَتي فـَلـسْـتُ أجِـيـْدُ الـكـَرَّ وَالـفـَـرَّ مُفـرَدَا
فـَمَالِيَ بَعْـدَ الـيَومِ فِي الحَـربِ كـَرَّةٌ وَرُمْـحِـيَ مَكـسُـورٌ وَسَـيـفِيَ أغْــمِـدَا
وظَـهْـرِيَ مَـطْعُـونٌ وأنـْفِيَ مُرْغـَـمٌ وَخَـصْـمِـيَ أبـْـدَى قـُــوَّةً وَتــَنـَـمْـرُدَا
ودِرْعِـيَ مَـرْهـونٌ وسَـرْجِيَ مَائـِـلٌ وَعُــمْـرِيَ مَـلْحُــوقٌ وَحَـقـِّيَ جُـمِّــدَا
وَفـَاحِمُ شَعْـرِ الـرَّأس ِتـَمَّ اشْـتـِعَـالـُهُ تـَمـَـوَّجَ أعْــلاهُ فــَأرْغـَـى وَأزْبـَــــدَا
فـَلـَستُ أخَالُ الـْيـَومَ لِـلعُـمْرِ رَجْعَـة ً تـَقطـَّعَتِ الأنـفاسُ والـصَّوتُ أخْـمـِدَا
فـَمَـالِيَ بـَعْـدَ الـيَـوْم بالنـاس ِحـَاجـَة ٌ وَقـَد رَحـَلَ الأصْحَابُ وَابْنيَ لـُحـِّدَا
إذا مـَا طـَرَدْتُ الـهَـمَّ أطـلبُ غـَفْـوَةً أتــَـانِـي نـَذِيــرٌ لِـلـْـعَــــزَاءِ مـُـــرَدِّدَا
أتـَانـِي سَـرِيـْعـًا في خُـطـَاهُ كـَأنـَّمَـا تـَمَطـَّى جـَوادًا قـَـاتـِمَ الـلـون ِأسـْـوَدَا
يُـرَجِّعُ صـَوْتـًا أثـقـَلَ السَّـمْعَ فـَهـمُهُ ترى ابْـنـَكَ أوْدَى وَالغَـرِيْـمُ هـُـوَ الـرَّدَى
فــــَــــآهٍ عــَـلَى آهٍ وَآهٍ مُــكـَـــــرَّرَا عـَلَى وَلـَدٍ فِي الـلحْــدِ بــَاتَ مـُـمـَـدَّدَا
وَأفٍ عـَــلى أفٍ وَ أفٍ مُـــقـَــــدَّمَـا عـَلى وَلـَدٍ مِـنْ كـُلِّ عــَـيْـبٍ تـَجَــرَّدَا
فـَوَا حَـرَّ قـَلبٍ قـَدْ تحَـرَّقَ وَانـكـَوَى و واسُهْدَ جـَفـْنٍ فِي الفـِرَاش ِتـسَـهَّـدَا
وَوَا حـَسْـرَتا مِنْ بَعْـدِ خَـنْـقـَةِ عـَبْرَةٍ عَـلى وَلـَدٍ فِي الـقـَــبْـر ِدُسَّ وَحُــيِّــدَا
دَعَــتـْهُ الـمنـَايَا لِلـرَّحـِـيْـل ِمُـبَـكـِّـرَاً فـَرَاحَ مُجِـيـبـاً دَاعِيَ الحَـقِّ مُجـْهـَـدَا
دَعَـتـْهُ المَـنـَايـَا كـَيْ يُـجَـاوِرَ رَبـَّــهُ فــَهـَـبَّ سـَـرِيـْعـاً لِـلــمَـنِـيـَّةِ أقـْـــوَدَا
طـَوَاهُ الـرَّدَى فـَاسْتـلَّ مِنـْهُ شـَـبَابـَهُ ولـَمْ يَنـْس عِنـْدَ الـنـّزْعِ أنْ يـَتـَشـَهَّـدَا
طـَوَاهُ الـرَّدى طَـيَّ الـسِّجـِلِّ بـِكـَفـِّهِ فـَحَـمَّـلـَنِـي هَـمـًّا وَحُـزنـاً مُــؤَبـَّــــدَا
طـَوَاهُ الـرَّدَى مِنْ غَيْر ِسَابـِق ِعِلمِهِ فـَرُصَّ عَـليـْهِ الـَّلبْـنُ رَصَّا وَأنـْضـِدَا
عـَلى غِــرَّةٍ مِـنـْهُ وَ سَاعـَةِ غـَفـلـَةٍ تـَصَـيـَّـدَهُ بـَعـْدَ الـشـُّـروق ِتـَصـَيـُّــدَا
تــَرَصَّـــدَهُ أيـَّامَ عِـيـْـدٍ وَفــَرْحَـــــةٍ وَمَـا عَـلِمَتْ عـَيْـنايَ كـيْـفَ تـَرَصَّـدَا
تـَـنـَحْـى بـِهِ عَـنـِّي بَعـِيـْداً فـَغـَالــَــهُ فـَلـَمْ يـَلقَ إسْعـَافـًا ولـَمْ يـَلـقَ مُـنـْجـِدَا
فـَمَـا شـَهـِـدَ الأفـْرَاحَ أيـَّـامَ عِــيــْـدهِ لأنَّ طـَويـلَ الـعُــمْـرِ فـِيـهِ تــَعـَهَّـــدَا
تـَعَـجـَّلَ مَنْ قـَدْ كـُنْتُ أرْجُـو بـَقـَاءَهُ تـَرَحَّـلَ صُـبْـحاً بـَعـْدَ يَـوْمٍ تـَـعـَيــَّــدَا
رُزِئـْتُ بـِهِ صُبـْحًا وَظـُهْـرًا دَفـَنـتـُهُ لِـيـَوْمٍ مَـضَـى مِـن بَعـْدِ عِـلـمٍ تـَأكـَّـدَا
فـَخَـلـَّفَ جُـرْحَـًا قــَدْ تـَعـَذرَ طِـبـُّــهُ وَأوْجَـدَ صَـدْعـًا فِي الفـُؤَادِ تـَجــَسَّـدَا
وَدَمْعَـة َعَيـْن ٍ فِي الجـُفون ِ تحَجَّرَت فـَمَـا سَـحَّ دَمْعُ العَـيْـن ِلكِـنْ تـَجَــمَّـدَا
مَحَاجـِرُ دَمْعِـي قـَـدْ تـَغـَيـَّرَ لـَونـُهـا فـلـِلـَّهِ دَمْـــعُ العَـيْـنِ كـَيْـفَ تـَـــوَرَّدَا
فـَكمْ مَرَّةٍ قهْـقـَرْتُ نـَفـْسِي وَعَبْرَتي فـَحَاوَلـتُ عِـندَ الصَّحْـبِ أنْ أتـَأسَّــدَا
أعـَـلـِّلُ نـَفـسِي بـالـعَـزَاءِ تـَـلـَهـِّـيـَـا لأخْـفِيَ حُـزنـاً فِي الضَّـمِيـرِ تــَزَنــَّدَا
بـَقـَلـْبـِي شـُـوَاظٌ مِنْ لهـِيـْبٍ أحِـسُّـهُ ولـكـنـَّـنِي أبْــدِي الـرِّضَـا والـتــَّوَدُّدَا
فـَأبـْدِي الأسـَى حِـيْـناً وحِـيْنـاً أكـُفـُّهُ لأظْـهـِرَ صَبـْرِي عِـنـْدَهَا والتـَّجــلـُّدَا
عـَظـَائـِمُ أحْـدَاثٍ عـَـليَّ تــَداخـَـلـَتْ تـَوَلـَّدَ مـِنـْهـا في الحَــشَـا مَا تــَوَلـَّــدَا
فـَمـَا غـَمـَّنـي شـَيءٌ كـَلحْظـَةِ نـَعْيـِهِ ولـكِـنـَّني قـَـدَّمْـتُ صـَـبْـرِي تـَحَـمُّـدَا
وَلا هَـمَّـنِـي يَـوْمٌ كـَيـَوْم ِعَـلِـمْـتـُـــهُ بـِثـَلاجَـةِ المَـوتـَى طـرِيـحـًا مُـبَــرَّدَا
وَمَاعِـشْـتُ سَاعـَاتٍ كـَسَاعَةِ دَفـْـنِـهِ ألا َإنـَّهـَا سـَاعـَاتُ عـَـيْــشٍ تـَنـَكـَّـــدَا
وَسَاعـَاتُ أحْـزَانٍ وَسَـاعَـة ُعُـسْـرَةٍ وَسـَاعـــَاتُ أكـــْدَارٍ وَهـَـمٍّ تـَجـَــدَّدَا
فـَمَا هَـالنـِي أمْرٌ وَلا رَاعَـنِـي سِوَى فِرَاقُ عَزِيْزٍعَاشَ فِي الصَّحْـبِ سَيِّدَا
لـَوَدَّعْـتُ فِيَّ الصَّـبْـرَ لـَمَّا رَأيْـتــُــهُ عَلى حـَافـَةِ القــَبْـر ِالجَـدِيـْدِ مُـمَــدَّدَا
فـَكـَمْ مَـرَّةٍ مَـرَّتْ عَـلـَيَّ وَمـَـــــــرَّةٍ تـَمَـنـَّيْـتـُهُ حـَيـًّا وَلـَوْ كـَانَ مُـقـْــعَــدَا
بُـنـَيَّ الذِي بـِالأمْس ِغـَيـَّبَهُ الثــَّـرَى وَمَا نـَاهَـزَ العِـشـْرِيـْنَ يـَوْمَ تـَلَحـَّـدَا
ألـَـــحَّ عَـلـَيْهِ النـَّزْفُ مُـدَّةَ سَـاعَــــةٍ فـَغـَيـَّبـَهُ جَـفـْنُ الـرَّدَى فــَتـَغـَـمَّــــدَا
عَجـِبْـتُ لِقـَلْبـِي كـَيْفَ لَمْ يَنـْفـَطِرْ لَهُ وَلـَوْ أنـَّهُ قـَـدْ كـَانَ صَـلـْدَاً وَجـَلـْمَـدَا
عَتِـبـْتُ عَلى قـَلْبـِي إذا هُوَ قـَدْ سَـلا وَلـَوْ لـَحْـظَـة ًوَالرَّجْـفُ زَادَ تـَعــَدُّدَا
عَجـِبْـتُ لـِقـَلـْبِي كـَيْفَ يَدْفـُنُ قـَلـْبَـهُ عَـذرْتُ لـَهُ لـوْ كـَانَ عـَنـْهُ تـَـصـَدَّدَا
عَجـِبْتُ لِنـَفـْسِي كيْفَ تـَدْفـُنُ نـَفْسَهَا أبـَعْدَ عَـدِيْل ِالرُّوحِ تـَطلـُبُ مَـْسـنـَـدَا
عَجـِبْتُ لِعَيْنِي كيْفَ يُطْـبـِقُ جَفـْنـُهَا أبَعْدَ مُصَابِ الطـَّرْفِ تطلبُ مَرْقــَدَا
عَجـِبْتُ لِعَيْنِي كيْفَ يَنـْضُبُ دَمْعُهَـا تـُـرَاهُ لِـشـُــحٍّ كــَانَ أمْ مُـتـَـعـَـمَّــــدَا
فـَمَا هَمَّنـِي ضَرْبُ الفـُؤادِ وَرَجْـفـُـهُ وَلَـكِـنـَّــهُ مِــنـِّي أقـَــــامَ وَأقـْــعَــــدَا
فلـِلـّهِ دَرِّيْ كـَيْـفَ صَبـْرِي مَلـَكـْتــُهُ بـِقـَـلـْبٍ جَـرِيـْحٍ لِـلــعَـزَاءِ تـَـكـَبـَّــدَا
وَدَر ُّضُلـُوْعٍ قـَدْ تـَحَـنـَّتْ لِـفـُـقـْــــدِهِ فـَمَا كـَانَ ظَـنِّي أنْ تــَعُوْدَ وَتـَصْمُـدَا
وَدَرُّ سنـَـيـَاتٍ بـِهِ قـَـدْ سَـعِـدْتـــُــهَــا فـَمَا كـَانَ مِـنْـهَا بـَعْدُ أحْـلَى وَأسْعَـدَا
وَلله ِ جـَـــفـْـنٌ قـَـدْ بـَــدَا مـُــتـَـوَرِّمـًا عـَلـَيـْهِ وَأحْـشـَـاءٌ تــَـزِيْـدُ تـَـوَقـُّــــدَا
ولله ِ أيـَّـامٌ غــَـرِقـَــتُ بـِصَـفـْـوِهَـــا وَلله ِجـِسْــمٌ قــَدْ هـَـوَى وَتـَهـَـدْهَــدَا
وَلله ِدَرِّي كـَيْـفَ قـَلـْـبـِي رَمـَـسْــتـُهُ وَفـَارَقـْـتـُهُ تـَحْـتَ الـتـُّرَابِ مُـصَـفـَّدَا
عَـلَـيْهِ سَـأبْـكـِـي مَا حـَيـِيْـتُ بـِأرْبـَعٍ إلى أنْ يَغـُورَ الـدَّمْـعُ مِنـِّي وَيُـفـْـقــَدَا
يَقـُولونَ لي مَا بـَالُ عـَيْـنـِكَ تـَشتكيْ أمِنْ ألَـمٍ فِي الـجَـفـْن ِأمْ كـُنـتَ أرْمَـدَا
أجـِـدَّكَ مَـا تـَنـْـفـَـكُّ تـَذكـُــرُ مَــيِّـتـًا فـَـقـُـلـتُ بَـلَــى وَاللهِ أذكـُـرُ فـَـرْقــَـدَا
وَأذكـُــرُ أخـْـلاقـًا وَنـُبْـلاً وَشـِـيْـمَـة ً وَأذكـُـرُ مِـقــْدَامًا وَمـَـجْــدًا وَسُــؤدَدَا
فـَإنـِّي وَإنْ مُـتـِعْـتُ بـِالعَـيْـشِ بعْـدَهُ لـَذاكـِـرُهُ مَـا غـَـابَ نـَـجْــمٌ وَمَـا بـَـدَا
سَــأذكـُـرُهُ وَالـذكـْـرَيـَاتُ كـَــثِـيـْـرَةٌ سَـأذكـُرُ شـِبْلاً طَـاهِـرَ الثـَّوبِ أمْجَـدَا
سَـأذْكـُـرُهُ فـِي كـُـلِّ حــَـجٍّ وَعُــمْـرَةٍ وَأنـْصِـبُ لِلأحْـزَان ِ سَـقـْفـَاً عـَمَـرَّدَا
سَـأذكـُـرُهُ ظـُـهْــرَاً وَكـُـلَّ عـَـشِـيـَّـةٍ إذا عَـسْعَـسَ الليْـلُ الـبَهـِيـْمُ وَسَرْمَـدَا
سَـأذكـُـرُهُ فـِي كـُـلِّ صُبْحٍ وَمَغـْرِبِ وَأذكــُـرُهُ مـَا نـَــاحَ طَــيْــرٌ وَغـَــرَّدَا
سَـأذكـُـرُهُ فـِي كـُـلِّ وَقـْتِ فـَرِيْضَـةٍ إذا وَقـَـــعَ الأخـْــيـَــارُ للهِ سـُـجَّـــــدَا
سَـأذكـُـرُهُ مَـا زُرْتُ غـُـرْفـَة َ نـَومِهِ إذا لِـصـَلاة ِالـفـَجــْرِ قـُـمْـتُ لأقـْـعِـدَا
سَـأذكـُـرُهُ فِـي كـُـلِّ بــَـدْءِ دِرَاسَـــةٍ وَأذكـُـرُ مِـنْهُ الـيومَ والأمس ِوالغـَــدَا
سَـأذكـُـرُهُ حَــتـَّى أوَارَى بـِجـنـْبـِــهِ وَأذكـُــرُ لـَحْـدًا كـَـانَ فـِـيْـهِ تـَعَــيـَّــدَا
سَـأذكـُـرُهُ فِـي كـُـلِّ سَـاعَـةِ ضيْـقـَةٍ إذا حَـط َّ رَحْـلِي فِي الوِهـَادِ وَأنْـجَـدَا
سَـأذكـُرُهُ فـِي كـُـلِّ وَقـْعـَةِ خُـطْــوَةٍ خـَطـَاهَــا وَدَرْبٍ كـَـانَ فِـيْــهِ تـَـرَدَّدَا
سَـأذكـُرُهُ مَا دَامَ فـِي القـَلـْبِ نـَبْضَة ٌ تـَقـَاصـَرَ عُـمْـرِي أمْ أطِـيْــلَ وَمُــدِّدَا
سَـأذكـُرُهُ مَا دَامَ فِـي العُـمْرِ مُـهْـلـة ٌ وَمَا نَاضَ بـَرْقٌ فِي السَّمَاءِ وَأرْعَــدَا
سَـأذكـُــرُهُ مـَادمْـتُ حـَيــــًّا لأنــَّـــهُ بـِدَاخِـلِ صَـدْرِي والضَّـمِيْـر ِتـَلحَّــدَا
سـَـأذكــُــرُهُ في كـُـلِّ حـِـيـْـنٍ لأنــَّـــهُ لِـمُهْـجَـةِ قـَـلـْبـِي وَالـشِّغَـافِ تـَوَسَّــدَا
سـَـأذكـُـرُهُ حَـيــًّا كـَـذاكَ وَمـَـيِّــتـــًا وَأذكـُـرُهُ طِــفـْلاً وَشِــبـْـلاً مُـمَـجَّــدَا
عـَلىَ كلِّ حَالٍ سَوْفَ أذكـُرُ نَاظِرِي وَأذكـُـرُ مَـا أبْـقـَى الـزَّمَانُ وَأفـْـسـَـدَا
عـَلـَيْهِ عَـدَتْ أمُّ الـُّلـهَــيـم ِوَبـِنـْتـُهـَـا فـَـرَاغ َهَـوَاهـَا عَـنْ هــَوَاهُ فـَأخْــلــَدَا
فـَيا ليـْتـَني فِي الـَّلحـدِ كـُنـْتُ مَكـَانَهُ لـِيَـزْدَادَ عُــمْـراً كيْ يـَزِيـْـدَ تـَعـَبـُّــدَا
أعَـبْدَ الـَّلطِيـْفِ الـمَوْتُ حَـقٌّ وَسُـنـَّة ٌ فـَعُـمْرُ الفـَتَى أضْحَى سِجـِلاًّ مُـجَـوَّدَا
دَعـَتـْكَ الـمنـَايا كيْ تـَبـِيـْعَ جـِوَارَنـَا وَمَـا كانَ ظَـنِّي أنْ تُجِـيـْبَ وَتحْــفــِدَا
أعَبْدَ اللطِيْفِ النَّوْمُ حَارَبَ مَضْجَعِي وَهَـلْ يَطـلـُبـَنَّ الـنـَّومَ جَـفـنٌ تـَسـَهـَّدَا
رَأيْـتـُكَ عِـنـْدَ الـقـَبْـر سَاعَة َغـَفـْـوَةٍ تـُسَـرْبـِلـُكَ الأكـفـَـانُ لي رَافِــعـًا يــَـدَا
حَـسِبْـتـُكَ حَيـًّا ثـُمَّ قـُمْـتُ مُـكـَبــِّــرًا وَصِحْتُ بأِعـْلَى الصَّوتِ كي أتـأكـَّدَا
تـُحَـرِّكُ يـُمْـنـَى باِلـسَّـــلام ِ لِـوَالـِــدٍ وَلـَكِـنـَّهَـا أضْـغــَاثُ حُــلـْـمٍ تــَبــَــدَّدَا
أعَـبْدَ الـَّلطِيْفِ العَـيْنُ زَادَ صَدِيـْدُهَـا فـَغـَشَّى بَـيَاضُ العـَيـْن ِمَا كانَ أسْوَدَا
رَحـَلـْتَ وَمـَا وَدَّعـْــتَ أمـًّا ولا أبــاً وَلا إخـْوَةً فِي الـْبَـيـْتِ أبْـدَوا تحـَشـُّدَا
وَلا عـَـمَّـة ً وَدَّعـْـتَ أو دَارَ خـَالـَــةٍ فـَكـَيْـفَ لـِعَــيْـن ٍمِـنـْكَ أنْ تـَـتـَــزَوَّدَا
فَبـَيْـتـُكَ مَحْـزُونٌ وَأخْـتـُكَ تـَشـْتـَكِي فـَفـِي كـُلِّ شِـبْـرٍ آخِـذ ٌ لـَكَ مَـقــْعـَــدَا
وَشَـيْخـُكَ مَوْتـُورٌ وَأمُّـكَ تـَصْـطَـلِي تـُقــَضِّي سُوَيْعـَاتِ الهَـزِيـْعِ تـَهَـجُّــدَا
فـَيـَالـَكِ مِـنْ نـَفـس ٍتـُذوِّبُ أنْـفـُـسَــا وَيـَا لـَكِ مِـن كـَــبْـدٍ تـُفــَتــِّتُ أكـْبـُــدَا
ويَـالـَكَ مِـنْ جـِسْـمٍ تـَزَايـَدَ سُـقـْـمُــهُ وَقـَلـْبٍ حـَـزيْـنٍ لِـلصِّعـَابِ تـَقـَــلـَّــدَا
تـَقـَاذفـُهُ الأمــْوَاجُ مِنْ كـُلِّ جَانِــبٍ فـَيـَغـْمُـرُهُ مَا كــَانَ أرْغى وَ أزبـِـــدَا
أقـُرَّة َعـَيْـنِي لَوْ حَـفـِظـْتَ وَصِيَّـتِي فكيفَ وقد خالفـتَ نـُصحاً مـُـؤكـَّـدا
أخـَالـُكَ لـَمْ تـَسْـمَـعْ نـَصِيْحـَة َوَالـِـدٍ نَهَـاكَ مِـرَارًا كـَي تــَؤوْبَ وَتـَرشـُـدَا
كـأنـَّك لـَمْ تـَسْـمَـعْ بـِقـِصَّـةِ حـَـادِثٍ وَصَـرْخـَةِ أيْـتـَــامٍ وَبـَيـْتٍ تــَشـَــرَّدَا
نَهَيتـُكَ عَـنْ كـُثر ِالرُّكـُوبِ وَسَيـْـرِهِ ولكنَّ ذاكَ الـصَّوْتَ لَـيْـسَ لَهُ صَـــدَا
زَجَـرْتـُكَ مَـرَّاتٍ بـِلهْــفـَـةِ وَاجـِـفٍ وَمَـا كـَانَ ذا مِنـِّي كـَلامَــًا مُــجَــرَّدَا
فـَلـَيـتـَكَ أمْس ٍقدْ حَـفِظـْتَ وَصِيـَّتِي وَلمْ تَرْكَبِ الأخْطَارَ أومَوْطِنَ الرَّدَى
وَلـكِـنَّ أمْـــرَ اللهِ جـَــــارٍ وَنـَـافـِــذ ٌ فـَأنـْجـَزَ يـَوْمَـاً فِـيـْهِ أعـْطَاكَ مَوْعِـدَا
إذا مـَــا لـْمَـنـَايـَا أوثـَقـَتـْكَ حـِبـَالـُهَا تـَرَى كـُلَّ بَـابٍ لـِلنَّـصِـيْحَـةِ أوْصـِدَا
أمُـهْـجـَة َقـَلـْبي لـَو أرِيـْدَ لـكَ الفِــدَا لَكنْتُ بِرُوْحِي سَوْفَ أسْترْخِصُ الفِدَا
وَلـَوْ أنَّ لي فِي دَفـْعِ يـَوْمـِكَ حِـيـْلـَة ً وَلـوْ بـِزُهُـوق ِالـنـَّفـْـس ِلـَنْ أتـَــرَدَّدَا
لـَعَمْرِي لـَئِنْ أبْعِـدْتَ عَنـِّي فـَإِنَّ لِي عـَـلـَى كـَـبــَدِ الأيـَّـامِ قـَـلـبــًا مُـعـَوَّدَا
لـَئِنْ كانَ مَا بَـيْـني وَبـَيْـنَكَ خـُطْـوَة ٌ فـَإنَّ سُهَـيـْلاً مِـنـْكَ أقـْرَبُ مَــصـْعـَدَا
قـَرِيْـبُ مَـزَار ٍأنـْتَ لـَسْـتَ بـَعــِيـْدَهُ عَـلى عـُمْـقِ بَـاعٍ لـوْ أنـَاوِشُـكَ الـيـَدَا
عـَنِ الـبَـيـْتِ أمْتـَارٌ وَلكنَّ حِـيـْلَـتِي كـَمَا فـَعـَـلَ الـرُّوْمِيُّ يَـرْثِي مُـحَـمَّــدَا
أقـُرَّة َعـَـيـْنـِي إنـَّنـِي لـَك َسـَـائـِــلٌ فـَهَـلْ تـَسْمَعَـنِّي إنْ رَفعْـتُ لكَ الـنـِّدَا
أجِبْنِي فِدَاكَ النفـْسُ يا مَن فجَعـتـَنِي فـَإنْ أنـْتَ لَم تـَسْـمَعْ دَعَـوْتُ مُـجَـدَّدَا
أفِـلـذة َكـَبْدِي كيـْفَ أصْبَحْتَ بَعْـدَنا هـَل ِالجـِـسْــمُ بـَـاقٍ أمْ تـَـرَاهُ تـَبـَــدَّدَا
وَ ماذا نـَـكـيْـرَاً قـَدْ أجَـبـْتَ وَمُـنكـَرا لـِكـلِّ سـُـؤَالٍ مـِنهـُــمَا لـَكَ أسـْــنِـــدَا
وكَيْفَ مَكانُ الـَّلحْـدِ هَـلْ هوَ ضَيـِّقٌ عَـسَى لَحْـدُكَ المَيْـمُونُ يُمْسي زُمَرَّدَا
فمَا عَاشَ مَنْ قد مَاتَ وَهْوَ مُـفـَرِّطٌ ومَـا مَـاتَ مَــن لله ِعـَــاشَ مُـوَحـِّــدَا
فـَمَا مِتَّ لكنْ بَـيْـنـَنـَا الـيَوْمَ سَاكِــنٌ فـَذِكـْرُكَ مَـوْجُـودٌ وجـِـسْـمُـكَ أبْـعِـدَا
أعـَبْـدَ الـَّلطِيفِ الـيَوْمَ بَـعْـدَكَ إنـَّنـِي أرَى كـُـلَّ شَيءٍ فِي الحَـيَـاةِ تـَعَـرْبـَدَا
تـَمَنـَّيـْتُ أنِّي كـنـْتُ قـَبْلـَكَ عِــنـْدَمَا رَأيْـتـُـكَ يـَعـْـلـُوكَ الـتـُّـرَابُ مُــلـَبـَّـدَا
أقـُرَّة َعـَيـْني كـَيْفَ أنـْسَـاكَ لحْـظَـة ً وفِي سَـاعـَةِ الـنـِّسْـيـَان قـَلـْبي تـَنَهـَّدَا
إذا مَا وَضَعْتُ الـرَّأسَ لِـلنـَّومِ بُرْهَة ً يـُـذكـِّـرُنـِي إيــَّـاكَ قـَــلـْـبٌ تـَـوَقــَّــدَا
حَـزِنْتُ طَـوِيْلاً بـَعْـدَ فُـقـْدِكَ فـَجْــأةً فـَأشْـبـَعْـتُ قـَبـْـراً بـِتَّ فـِـيـهِ تـَــرَدُّدَا
أشَارِكُ مَـنْ حَـوْليْ كـَثِيرَ سُرُورهِم لأخْـفِيَ حُـزنـًا في الضَّميـر وَأكـْمُـدَا
فـَيَـوْمَاً تـَـرانـِي وَاجـِـمَـاً مُـتـَـأمِّــلا ً وَيـَوْمـًا تـَرَانِي فِي الـْبـُحُـورِ مُغـَـرِّدَا
فـَكـَمْ وَقـْـفـَةٍ عِـنْـدَ الرَّويِّ وَقـَفْـتـُهَـا لِكي أسْـتـَمِـيْحَ الوَزْنَ شِـعْـرًا مُـقـَيـَّدَا
وَكـَـمْ مـَـرَّةٍ فـِيَّ الأُمـُـورُ تـَأزَّمَــتْ نَهَـارِي غـَـدَا لـَيـْلاً ولـَيـْلِي تـَسَرْمَـدَا
فـَلـَم أرَ كـَالإيْـمَـانِ يـَمْـسَحُ دَمْـعـَـة ً وَلـَم أرَ كـَـالـْقـُـرْآن يُـتـْـلى مـُجـَــوَّدَا
فـَيـَا وَلـَدِي عَـمَّا قـَريـبٍ سَنـَلـتـقـِي فـَـإنِّي وَإنْ عـُمِّـرْتُ لـَسْـتُ مُـخـَــلـَّدَا
فـَلـَوْ لـَكَ بَعْـدَ الـْيَوْم لـِلْبَيـْتِ رَجْعَـة ٌ لـَقـَبـَّلتُ مِنكَ الرَّأسَ والأنـْفَ وَالـيَـدَا
وَلـكِـنَّ ذاكَ الأمْـرَ شـَـطَّ اسْتِحَـالـَـة ً فـَهـَـلْ زَمَـنٌ مـَاضٍ لـِفـِـعْــلٍ تـَجـَـدَّدَا
أقـُرَّةَ عَـيْـنِي هَـلْ لـَكَ الـْيَومَ حَاجَـة ٌ فـَقـَدْ طِبْتَ نفـْسًا عِـندَمَا طِبْـتَ مَوْلِـدَا
سَأسْقـِيكَ مَاءَ العَـيْن لَوْ شَحَّ قطْرُهـَا وَأرْفـَــعُ صَــوْتـِي لـِلإلـَهِ تـَـوَجـُّــدَا
وَأهْدِيْكَ نبْضَ القـلبِ لو شُلَّ نِصْـفُهُ عـَلـَى وَجـَـلٍ أنْ يَـسْــتـَقـِرَّ ويَجْـمُــدَا
فـَيَا كـَبِدِيْ أوْدَعْتَ فِي القلبِ جَمْرَةً تـَمَـنـَّيـْتُ يـَوْمـًا أن تـَزُولَ وَتـَخْـمُــدَا
فـَقـَبْلـَكَ لَمْ أعْرِفْ لِصَبْرِي هَـزِيْمَة ً وَلا خِـفـْتُ يـَوْمـاً أنْ يـَقِــلَّ ويَـنـفـَــدَا
فـَأقـْـسَـمـتُ بـِاللهِ الـرَّفـِيـْع ِمَـكـَانـُـهُ لأسْـتـَسْهـِلـَنَّ الـصَّعْـبَ مَهْـمَا تـَكـَلـَّدَا
أعَـبْـدَ الـَّلطِـيْـفِ الْـبُعْـدُ أبْعَـدَ قـُرْبَنا فـَـأبـْعـَـدُ بـُعْــدٍ مـَا لِـقـُـرْبـِكَ أبـْـعَـــدَا
فـَمَــالـيَ إلاَّ أنْ أقـُـــومَ مـُـوَدِّعـــــاً وَأنْ أشْــكـُــرَ الله َالـْعَــلِـيَّ وَأحْـمَــدَا
وَدَاعـَـــاً وَدَاعــــاً يـَا بُـنـَيَّ فـَإنـَّـنِي أرَى قـَابـِضَ الأرْوَاحِ عَـنـِّي تـَنـَشـَّدَا
فتلكَ تـَوَالِي العُـمْرِ أوَّلـُهَا انـقـَضَى وَأخِـرُهَـا مَا كانَ في الأمْـس ِقـَدْ بَـدَا
حَـيـَاتِي تـَرَاءَتْ بَـيْنَ ذاكَ وَبَـيْـنَ ذا أهـِـيـْـمُ لِـكـَي أبْــقـَى بـِهـَـا مُــتـَـرَدّدَا
وَشَمْـسِيَ قـَدْ مَالـَتْ وحَانَ مَغِـيْـبُهَـا وَقـُـرِّبَ نـَعْــشِي فـَالـرَّحِـيْـلُ تـَأكـَّـدَا
أرَى الشَّـفـَقَ الـْوَرْدِيَّ غَـيَّـرَ لـَونَهَا فَجَلـَّلَ مِنهَا القـُرْصَ وَرْسًا وعـَسْجَدَا
تـَكـَسَّـرَ قـَرنـَاهـَا وَشـَابَ قـُذالـُهـَــا لهِـيْـبُ لـَظـَاهَا فِي الـمَـغِـيْـبِ تـَبــَدَّدَا
فَمَوْلِدُهَا فِي الشَّرْق ِوَالغَرْبُ مَهْدُهَا فـَمَا ضَاقَ جَـفـْنُ العَـيْـن ِإِلاَّ لِـتـُمْهَـدَا
أعَـبْدَ اللطِيفِ المَوْتُ فَرَّقَ جَـمْعَـنَا وَأرْسـَــلَ سَـهْـمـًا لِـلْـفـُـؤادِ مُــسَـــدَّدَا
فـَكـَيْـفَ لِمَجْرُوحِ الـفُـؤَادِ وَمِـثـلِــهِ بِأنْ يَستطـِيبَ العَـيْـشَ يوماً ويُـرْغِـدَا
أقـُرّة َعَـيْـنِـي لـَيْـسَ بَعْـدَكَ سَـلـْـوَةٌ وَهَـل يَـسْـلـُوَنَّ الـيـْومَ قـَلْـبٌ تـَوَحـَّـدَا
فـَفِي أخـَـوَيـْكَ الـْبـَاقـِـيـَيـْنِ جـَـلادَةٌ لِـقـَلْـبـِي وَإنْ قـَلـْبـِي عَـلـَيْـكَ تـَعـَـوَّدَا
فـَبـَعْـدَكَ إنِّي قـَدْ أصِبْـتُ بـِطَـعْـنـَةٍ تــَنـَاوُشُ أطـْرَافِ الـرِّمـَـاحِ تـَعَـــدَّدَا
ملأتَ حـَيَاتِي فِي الطـُّفـُولَةِ بَهْـجَـة ً وَعِـشْتَ كـَرِيْمًا فِي الشَـبَابِ مُـمـَجَّـدَا
فـَلـوْ أنَّ يـُسْرَى مِنْكَ أحْـدَبَ كـَفـُّهَا تـَصَدَّتْ لهَا الـيُـمْـنَى سَرِيْعـًا لِـتـُبْعِـدَا
أعَـبْـدَ الـَّلطِيف القـَوْسُ أنفـَذ َسَهْـمَهُ فـَـقـَـطـَّـعَ أوْتـَـارَ الـْـفـُـــؤَادِ وَبـَـــدَّدَا
صَلـِيْـلُ ولـَمْعُ الـهـِنـْدُوَانِيِّ رَاعَـنِي فـَـكـَمْ هـَـزَّةٍ هَــزَّ الـفـُـؤَادَ وأرْجـَـــدَا
فـَإنْ هُـوَ لمْ يُـصْلـَتْ وَأغْـمِدَ نَصْلـُهُ فـَأنـّى لـِرَوْعـِي أنْْ يـَـقِــرَّ وَيـَرْكـُــدَا
وَحـَـزَّاتِ آلامٍ أرَاقِــــبُ وَقـْــتـَهـَــا أُغـَالِـبـُهـَا كَي لا تـُحَــقـِّـقَ مـَـوْعـِــدَا
فـَتـَصْدُقـُنِي وَالصِّدْقُ طَـبْعُ وَفـَائِهَـا فـَتـُبـْدِي لـنا صَفْـعـاً وَوَجـْهـاً تـَرَبـَّـدَا
فـَـمَـعْـــذِرةً عـَـبْـدَ الـَّلطِيـفِ إذا أنـَا وَقـَفـْتُ طَوِيـلاً لـِلـقــَوَافِي مُـجَــنـِّــدَا
فـَإنْ هِيَ لـَمْ تـُسْـعِـفْ وَعَـزَّ رَوِيُّهَـا سَـأهْجـُرُ نـَظـْمَ الـشِّعْـرِ ذاكَ تـَعَـمـُّـدَا
أعَـبْدَ الـَّلطِيفِ الحِمْلُ أثـقـَلَ كَاهِـلِيْ وَلـَكـنْ عَـزَائـِي يَـوْمَ مِـتَّ مـُوَحِّــــدَا
فـَأحْـسَـنَ رَبـِّي بـِالـْعَـزَاءِ عَــزَاءَنـَا وَطـَيـَّبَ جُـرْحـاً بـِالـفـُـؤَادِ مُـضَـمَّـدَا
تـَقـُولُ إذا مـَا جـِئـْتُ قـَبـْرَكَ زَائـِرَاً تـَذكـَّرْ أبيْ عُـظْـمَ المـُصَابِ بأحْـمَـدَا
تـَقـُولُ إذا مَـا زُرْتُ قـَبـْرَكَ بـَاكِـيــاً تَصَبَّـرْ وَإنْ أضْنـاكَ فــُقـْدِي وَأجْهَـدَا
تَصَبَّرْ فَإنَّ الصَّبْرَعـَوْنٌ عَلى التـُّقَى فـَكمْ وَاحِـدٍ بالصَّبـْرِ أدْرَكَ مَـقـْصـَـدَا
تصَبَّرْ وَلا تـُسْـلِـمْ لِحُـسْـن ِقـَرِيـْحَـةٍ فـَـمَا آخـِـــذٌ بـِالـصَّــبْـرِ إلا تـَخـَـــلـَّدَا
تـَجَـلـَّدْ فـَهَـذا دَيـْدَنُ الـْخَـلـْق ِكـُـلـِّـهِ وَلا تـُــرِيـَـنَّ الــنـَّـاسَ إلا تـَـجَـــــلـُّدَا
تـَسَاوَى بِهـَا مَن عـَاشَ يَوْمًا ولـَيْلـَة ً وَفـَارَقـَهَـا كـَيْ لا يـُهـَانَ وَيــُمْـهـَـــدَا
وَمَن عَاشَ فـِيهَا ألفَ عَامٍ وَضِعْـفـَهُ عـَلى صَفـَحاتِ الـدَّهْـرِ عُــدَّ وقـُـيِّــدَا
فـَهَـذا سِـنـَانُ الـرُّمْح ِشــَـكَّ فـُــؤادَهُ وذاكَ سِــنـَانُ الـرُّمْـحِ عَــنـْهُ تـَــلـَدَّدَا
فـَلـَوْ أنَّ لِي مِـنْ بـَعْـدِ ذلِـكَ رَجْـعَـة ً لـَـقـَضـَّيْـتـُهَا صُـبْحـًا ولـَيْـلاً تـَعَــبـُّـدَا
فَـيَـا وَالـِدِي عـَنِّي تـَعَـزَّ وَسَـلـِّمـــَنْ عـَلى كـُلِّ خَـــدٍّ بـِالـدُّمُـــوعِ تـَحَـــدَّدَا
سَـلامٌ عَـلَى أمِّــي وَخَالِي وَخَالـَتِي سـَــلامٌ لـَهـُمْ بَـيْـنَ الضُّــلـُوعِ تـَـرَدَّدَا
سَـلامٌ عـَلى أخْـتي وعـَمِّي وعَـمَّتِي سـَــلام وَدَاع ٍبـِـالـحَـــنـِـيْــن ِتــَـزَوَّدَا
سَـلامٌ عـَلى أوْلادِ عـَـمِّي وَإخـْوَتـِي وَدُنْـيـاً بـِهَـا وَدَّعْـتُ دَاراً وَمَــسْـجـِدَا
سَلامٌ عَلى أهْلِي وَصَحْبي وَعِزْوَتِي وَكـُلِّ الــَّذي عَـزَّاكَ جَـمْـعاً وَمـُفـْرَدَا
كـَذاكَ لـِمَنْ صَـلـَّى عـَليَّ مُـشَـيَّـعــاً تـَحـِيـَّــة َ تـَقـْـــدِيـْــرٍ أزُفُّ مُـــجَــدَّدَا
سـَلامٌ عـَلَى خِـلٍّ يـُبـَــارِيْـكَ ظـِــلـُّهُ تـَعــَهَّـدَ قـَـبـْري بـِالـسَّــلامِ تـَـعـَهُّـــدَا
يـُزَاوِرُنِي فِـي كـُلِّ حِـيْـنٍ مُـسَـلـِّمـاً زِيـَـــارَةَ إحْــسَـانٍ عـَـلـَيْـهَـا تـَعَــوَّدَا
يُـشَاطِرُكَ الأحْـزَانَ فِي كـُلِّ زَوْرَةٍ مـَخـَافـَة َفـِيـكَ الحُــزْنُ أنْ يَـتـَوَحَّــدَا
سَـلامٌ عَـلى مَن قـَدْ غـُلـِبْتُ وَدَاعَـهُ وَبـَيـْتٍ غـَـدَا لـِلحُــزن ِدَارًا وَمَعْـبــَدَا
سَـلامٌ عَـلى بـَيـْتٍ لـَنـَا أنـْتَ رَبـُّـــهُ تـَــأبـَّــدَهُ هـــَـمُّ الـفِـــــرَاق ِتــَـأبـــُّـدَا
فـَقـُلـْتُ أجَـلْ تـم الـِّلـقـَاءُ وَبَـيْـنـَنـَــا قـَــلائِــلُ سـَاعـَاتٍ فــَكـُـنْ مُـتـَـأكـِّـدَا
بُـنَـيَّ وَدَاعًا فـَالـمَـنـَايـَا سَـتـَعْـتـَـلِـي بـِضَرْبِ القـَنَا طِـفلاً وَشَـيْخًا وَأمـْرَدَا
لـَيـَــــالٍ وَأيـَّــامٌ تـَجُــرُّ خـِطـَامَـهَــا لِـتـُبْـلِيَ جَـدْيــاً لا يـَغِـيــبُ وَفــَرقـَـدَا
فـَيَـا وَلـَدِيْ بـَيْـنِي وَبَـيْـنَـكَ خـُطْـوَةٌ وَفِي جَـنـَّةِ الفِـرْدَوْسِ مَوْعـِـدُنـَا غـَدَا
سَـأدْعُـو لـَكَ الـمَوْلَى بِكـُلِّ فـَرِيْضَةٍ وَخـَيْـرُ دُعَـاءِ الـعَـبْـدِ مَا كـَانَ جَـيــِّدَا
عَسَى هَطِـلُ المُزْن ِالذِي لاَحَ بَرقـُهُ يـُـلازِمُ قـَـــبْـرًا بـِتَّ فِــيـهِ مُــلـحَّـــدَا
عـَسَى جَـدَثٌ غـَطـَّاكَ مِسْـكُ تـُرابـِهِ يُـثـَابُ وَيُـكـْسَـى لـُؤلـُؤًا وَزَبَــرْجَــدَا
عـَلـَيْـكَ سـَــلامُ اللهِ مِـنـِّي تـَحِـــيَّــة ً وَمِـنْ كـُـلِّ مُـزْنٍ ثـَـجَّ مَــاءً وَأزْبـَــدَا
لقـَدْ كـُنتَ نِعْمَ الإبنُ فِي كـُلِّ مَوطِن ٍ فـَيـَا لـَيـْتَ طـَرْفي مـِنْ رُؤاكَ تـَزوَّدا
فـَلوْ أنَّ لِي فِي دَاخِلِ الـَّلحْدِ مَقـْعَـدَا لـَفـَرَّشْـتـُكَ الأحْـشَا وَوَسَّـدتـكَ الـْيـَـدَا
وَلـَوْ دَعْـوَةٌ كـَانـَتْ لـَنا مُسْـتَجَـابـَـة ً تـَـرُدُّ لـَنـَا مَـيْـتــًا لـَـكـَـانَ مـُحَـــمَّـــدَا
عـَلـَيـْهِ صـَـلاة ُاللهِ ثـُـمَّ سَــلامُـــــهُ مُزِيْـلَ عُرُوشِ الكُـفرِ بِالنُّورِ وَالهُدَى
===================
تــمــت بـحــمــد الله
القصيم - بريدة . ص ب : 23715