هذه مرثية عمي عبد العزيز بن عبد الله الفهاد -رحمه الله- ، المتوفى في أربعةٍ خلت من شهر محرم سنة ست وأربعمائة وألفٍ هجرية .
والمرثية ُ هذهِ من البحر ( الطويل ) وقافيتها من ( المتدارك )
وقد قلت فيه هذه الأبيات لا لأنه عمي فحسب بل لأنهُ من أولئك الرجال الأفذاذ الذين هم أهل لذلك الرثاء ؛ لما أعرفه عنه من علو همته وجسارته وأصدقاؤه يروون عنه ويذكرون أخبارًا كثيرة وهم كُثـر ، فهو أحد رجالات ( عُـقيل ) الذين طوفوا الأفاق على ظهور الإبل داخل الجزيرة العربية وخارجها بل ومن أكثرهم دلالةً
ومعرفةً بالصحراء ومجاهلها وكان -رحمه الله- صعب الإنقياد للغير، واثقٌ بنفسه
معتزٌ برأيه رحمه الله رحمةً واسعة .
تم الانتهاء من هذه المرثية في 1406/2/25هـ
الأبيات
**********
وقائــلــةٍ ما بـالـُك الـيــوم َ تــنـــــدبُ ودمعُك مِـهْـراقٌ وعينـُكَ تــسـكـبُ
وقــلـبُـــكَ مكـــلومٌ ورأسـُـك مطـرقٌ حدا بِك أمرٌ أم الى الـبيـضِ تطربُ
أشـاقـَـــك ظـــبـيٌ شــادنٌ بـمـفــــازةٍ فـفـكـرت بعد الـشـيــبِ أنـّك أعزبُ
فـقـلـتُ وما شــيءٌ بــذلـك أصــعـــبُ على النفسِ من شيخٍ له القبرُ يحْجُبُ
فيا بنتَ من غــطى الــتــرابُ رُفـاتـَـهُ ألم تـعـلـمـي أن الحـيــاةَ تَـقـَـلـُّـــبُ
ويا بنتَ من أهـــدوا لـنـا الـودّ كـلَّــــهُ لغيرِ محـيــاكِ القِـــلى والتـجـــنـُّبُ
فما شــاقــني من بعدِ حبِّــكَ ظـبيـــــةٌ وإن شاقني بالأمــسِ غــيدٌ وربْربُ
فلـــم أكُ بعــدَ اليـــومِ أرنــو لغيـــرِكِ ولا همني بكـــــرٌ ســواكِ وثـَـيـِّـب ُ
بـمـثـلِكِ تـــزدانُ الحـيــاةُ وتـُـشـتــرى ويقصرُ طولُ العمرِ عندي ويعـذبُ
ولـكـن إذا ما الهـــمُّ شــطَّ وغــالـنـــي وصبري إذا ما قلَّ مِــن أيـن أجـلِبُ
فكـم نـَرقـُبُ الأحــداثَ وهْي تـَــؤمُّـنـا على غيرِ ما نـخـتــارُ أو نـتــرقـّـبُ
فكـيـفَ بنا ياخــيرَ ضِــنـْىءِ كــريــمةٍ ومِنَّـا حبالُ الـموتِ تـدنـو وتـقــربُ
فمــا أَمِـــن الأيــــــامَ الا مُــغــفــــــلٌ وما حــذِرَ الأحــداثَ إلا الـمهـــذّبُ
ونفسٍ تــرومُ الموتَ والموتُ معرضٌ وأخرى تذودُ الموتَ والموتُ يطلبُ
أتـــاهـا فـأرداهـا عـلى حـيـنِ غـفـلـــةٍ على غرةٍ بانت ولم تـــكُ تحـســـبُ
أتـــاهـا وكانــت لِلـمــطــايـا مُـنـيـخـةً وما علِــمـت أن الـرحــيـــلَ مُقرِّبُ
فيا عـيـنُ جودي بالبــكــاءِ وأغــدِقـــي إلى أن يجفَّ الدمعُ منكِ وينـضُــبُ
فإن شـفـــائــي عــبــــرةٌ مُـستــديـمــةٌ لها دخــنٌ بيــنَ الضــلوعِ مُـعَطـِّبُ
فإن قـلَّ منــكِ الدمـعُ أو غــاضَ فيضُهُ فإني لـعـمِّـي من ســواكِ سأطـلـبُ
فيـالـيـت شعــري هل يـكونــنَّ بعــــدُهُ بدايـــةَ قــربٍ للــذي هــو يطـلـبُ
فيـالـيـت شعــري هل يـكونــنَّ بعــــدُهُ بدايـــةَ قــربٍ للــذي هــو يطـلـبُ
فيا أيــها العــمُّ الذي كــــان سـقــفَــنــا تصدَّى لك الموتُ الذي هو مُـرعِبُ
نعــيشُ على ذكراكَ حـزنـــًا ولوعــــةً وكـلٌ لـه في ذاكَ رأيٌ ومـذهـــــبُ
وعنــك سألـني الصبـرُ سـاعـةَ ضِـيـقةٍ بوجهٍ عبوسٍ والجـبـيـنُ مُـقـَطـِّـبُ
بكـيتُ وكـفـكـفـتُ الدموعَ براحــتــــي وقـلـتُ عـنـيــدٌ صـاحَ فيه وأحــدبُ
تصـــدى لــه ُ حينــــًا فظـل مغـالــبـــاً ولكنّ أسيــافَ الـمــنــيــةِ أغــلـــبُ
إذا الموتُ للمخــلوقِ أصبـــح زائــــرًا فليس لهُ عــــن ذا مــلاذٌ ومـهــربُ
مضى سـابقُ الأقــــرانِ في كلِّ موقفٍ وكأسُ الردى وِرْدٌ يـُــذاقُ ويُـشربُ
مضــى تـــاركـــًا أهـلاً ودنيــــًا دنيئـةً فليس بها إلا مُــــــضــاعٌ مُــذبـذبُ
و لـيـس بهــا إلا أمــورٌ جــســـيــمـــةٌ حروبٌ و أهــوالٌ وجهـلٌ مـركـبُ
فيا عـــمُّ إن الـمــوتَ حقــًا لـــراحــــةٌ إذا ما صـحـيـحٌ قد تساوى وأجربُ
فـهــــذا حــقــيــرٌ خـــائـــنٌ لبــــــلادهِ وذاك غبـيٌ في الجــشاعةِ أشـعـبُ
فللغربِ أرضُ العُرْبِ صارت مسارحاً كأن بلادَ العُـرْبِ للـغــربِ مَـلعـبُ
فســعَّـرَ نــارَ الحــربِ حتى تسعـّـرَتْ و زادَ بهــا خـُــلـفــاً وعمَّ التعصبُ
تجــمــعَ أعـــداءُ الإلــهِ بــِــقـْــدسِــــه لهم مـــــــأربٌ فيــــهِ وللهِ مـــأربُ
فـإن خــرجوا بالأمــسِ قـهــرًا وذِلّـــةً فقد عادَ عُـبـَّادُ الصلـــيبِ ليـُرهِــبوا
فأين صــلاحُ الـديــنِ عـنـهــم ومِـثـلُـه فهـذا مكــانُ الحــقِّ والحــقُّ مَطلبُ
مِنَ الـقهـرِ تـغتاظ ُ الأســودُ وتصطلي وتبقى مِنَ الجوعِ السراحينُ تـقـْنـِبُ
فما كـنـتُ قـبلَ اليـــومِ أحـسِـــبُ مرةً بأن يـَـظـفُــر الأيــامَ هِــــرٌّ وأرنبُ
صــهٍ أيهــا الرئـبـــالُ إنـك صـاغـــرٌ ليـهـنــأ مـحـتــالٌ ويــرتــعَ ثعــلب ُ
فـيـا حـبــذا الـمــوتُ الشـريــفُ لأنـهُ لمثـلـكَ يا شــيــخٌ يـلـــذُّ ويعـــــذُبُ
فيا عــمُّ كـيـف الحــالُ أصبـحَ بعــدنا هَــلِ الجــســمُ بــاقٍ أم بـدا يتذبذبُ
فـآخـــرُعـهــدي يوم َ صـرتَ مُلَحّـدًا غِـطـاؤكَ أكـفـانٌ ومهـــدُكَ سبْـسبُ
و آخــرُعـهـدي فـيــك يومَ تــــأهـّبوا وهبـّوا جميــعــاً للعـــزاءِ و أوّبــوا
لئـن كـُـنــتَ عنـّا اليومَ لا شكّ راحلاً فكـلُّ مـقــيــمٍ للـــرحـيـــلِ مـُرتـِّـبُ
وعمَّا قريــبٍ نحـنُ والكــلُّ لاحــــقٌ فإن زادَ شـيءٌ في الحياةِ فـمـكـسـبُ
فيـالـكَ مِن عـــمٍّ قــريـبٌ مَــــــزارُه ُ ولكن سهــيـلٌ مـنـكَ أدنــى وأقـربُ
سقـى اللهُ قــبـرًا كــنتَ فـيهِ مُـجاورًا قـبــورًا وأجـداثـًا هـنــاكَ تـغـيـبــوا
سقـاهـمْ بغــــــيـثٍ دافـقٍ ومثـَـــلَّــجٍ يجـودُ بـهِ مــزنٌ كثـيـفٌ و صــيـِّبُ
عـلـيــكَ سـلامُ اللهِ مِــنــي تـحــيـــةً لقبرِكَ تـستـجـدي السحابَ و تحلـُبُ
إذا اللهُ لــم يـغــفــرْ ذنـــوبَ عــبـادِهِ فمن يغـفـر الزلات ِ إنْ هــمُ أذنــبُ
فـل عامــلََ الله ُ العـبــادَ بِـعــدلـــــهِ أُدِينوا جميـعاً في القـضاءِ و خـُيـِّبوا
فسبـحـانَ من عــمَّ الخلائـقَ عــفـوُهُ وسبحان من يُعْطي الجزيلَ و يُوهبُ
و أخـتـــمُ قولي بالـصــــلاةِ مسلمــاً على مَن بهِ الأمصارُ عزّت ويَثـرِبُ
مُزيلِ صروحِ الشركِ والكفرِ كـُلِّهـا تكشف عنه النورُ و انجابَ غـَيْـهـبُ
رسولِ الهدى والنورِ من بيتِ هاشمٍ مَـعـــــدٌّ أبـــوهُ والجـدودةُ يـَــعــربُ
رسولِ الهدى والنورِ من بيتِ هاشمٍ مَـعـــــدٌّ أبـــوهُ والجـدودةُ يـَــعــربُ
************
تمت بحمد الله