الاثنين، 24 أغسطس 2015

هجر الديار !




ديارٌ جارت ونفسٌ فارت وسلعةٌ بارت ورِجلٌ حارت ، وهمٌّ دائم وعقلٌ هائم وحظٌ نائم وخُلْفٌ قائم . 

الأقرباء متقاطعون، والجيران متباعدون ،والأصدقاء متقلبون ، والبقية متناطحون ، فما الذي بعد هذا كان وسيكون غير الضيقة والمضايقات كل هذه الأشياء مجتمعة أو متفرقة أوحت للكثير من الذين نعرفهم أو نسمع عنهم من أهل نجد خاصة أهل القصيم أن يتركوا الديار ويضربوا الأخطار ويطلبوا الأمصار مشرقين ومغربين فأرض الله واسعة ومساحاتها شاسعة .

وصاحبنا المعني في هذه الأبيات واحد من أولئك الذين تغربوا منهم من طاب له المقام فأقام ومنهم الوفي الذي حنّ لوطنه فعاد ومنهم من لم يعرف له مكان إلى الآن . 


الأبيات
***********


أزِفَ الرحيلُ ورَحـْـلَه أدنــاها       ضــاقـت عليه فــــقــــــال آهٍ آها 
ترك الديارَ مخـلِـّـفـاً آهــــاتَــه       وقلا الجــمـيـــعَ لعلةٍ أخــــفــاها 
عاف الديارَ سهولَها وجبالَهـا       من وهجةٍ في الصدرِ قد صالاها 

باع الدِّيارَ بحالِـهـا وبمالِـهـــا       رفع الأكـُــفَّ مُــودعاً إيــــــــاها 
شدَّ الرحالَ بخـفّــة ٍ مُتـــذرّعا ً      جُــنــحَ الظلام بلـيـــلةٍ قــاســاها 
قبل المسير ِ أمالَ حُزنـاً رَحلَه       نحــو الديـــار ِ بنـــظـرةٍ ألقـاها 

أهدى التحية َ نحوها بــإشارةٍ       والعــينُ سفــحُ الدمعِ قد غطّاها 
أوْحت له النفسُ الطّموحة ُأنه       هذا الصـحـيـحُ وعقــلـُه أملاها 
إنْ أرضُه جارت عــليه فربّما       في الأمــر ِذلك خـــيرةٌ لاقـــاها 

الحرُّ إن مرّ الغــرابُ بـوكــرِه       عاف الوكورَ ووكـــرُه جافــاها 
جَدّ المسيرُ ونفـسُه ممــلـوءةٌ       كم دمعةٍ للعـــين ِ قـد أجــــراها 
طال الطريقُ فخامرته شُـكوكُه       لم يدر ِضـــلّ طـريقـَه أم تــاها 

طاف الديارَ قريبَها وبعـيـــدَها       فاخــتـار منها رغبة ً أقــصاها 
لم يُبق ِ شيئاً في الدِّيار ِ لسائل ٍ      لكنّ عــــزة َ نفــسِــه أبقـــاها 
قبلَ النزول ِ تضاربــــت آراؤه       فاخـــتــــار من آرائـــه أُولاها 

اختار أرضاً لا يُطــــال مكانـُها       وعـصاه فيمـا بعدَ ذا ألقــــاها 
فأراح نفساً واطـمـــأنّ فــؤادُه       من بعــد ما قــدَماه  قد أدماها 
مافاته قـبـــــلَ النــزول ِ بأنّـــه      خيرُ الديار ِ مكـانــة ً أسـمـاها 

ماكان يرغبُ أن تَـحُطَّ ركــابُـه       إلا بــرابيةٍ زهـــــا مـــــــرآها
في روضةٍ فواحــةٍ أشجــارُهـا      تبني الطيورُ وتشدو في أعلاها 
في روضةٍ للنــفس ِ فيها راحةٌ       فـي الحسنِ آخِــذةٌ إلى ابهـاها

مــاداسهـا قـدمُ اللّـــئـيـمِ بنعـلهِ       كــلا ولا أقــوى الـظِّـبا يرقاها 
ينسابُ عذبُ الماءِ نهـراً جاريا       والليلُ تـُقـْــمِـرُه إذا يـغــشـاها
ونهارُها شمسُ الأصيلِ تُزيْنها       فصلُ الربيع ِ بحسنه حـــاكاها 

والطيرُ يسبَحُ في الهواءِ محلقاً       فوقَ الغمام ِوعينُه ترعــــاها 
يرنو إلى تلك الرياض ِوعطرِها      ماعنده من نغــمةٍ أهـــــداها 
فـتــبـدّلت آهــــاتُه و حــيــاتُـه       من بعد ما أنفـــاسَه أضــنـاها 

نفـسٌ تتوقُ إلى العـلا وسنامِه       كم بـــالـتـمـني مـرّة ً ألـــهــاها 
فكــأني فيه وقد أنــاخ برحــلِه       أرضى الضميرَ وحاجة ً أنهاها 
وتبــدّدت أحــزانُـه وهـمومُـــه       وتنـــاسى أيـّـاما ً له أمضــاها

باع الديارَ وليـس ثــمة َ رجعـةٍ       لكــنه هـيــْـهاتَ أن ينـــســاها


===========
تمت ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق