من المراثي مرثية والدي صالح بن عبد الله الفهاد ..رحمه الله
الذي وافاه الأجل في 18 /8/1416هـ ، وهي من البحر الطويل .
الأبيات
***************
ألا لـــيتَ أسبــابَ المنـيةِ تُدفـــــعُ وليت عزاءَ النـفــس ِللنـفـس ِينفعُ
وليت عديلَ الروح ِ ما زارَ قبرَه ُ وليت رهينَ اللَّحـدِ للـبيـتِ يـرجع ُ
وَيَــــا ليت أنِّي ما سمعتُ بيــومِهِ وليتَ المنَــايا حبلـَـــها يتقــطَّــعُ
وليــتَ ومـا أدراك ما ليتُ ليـــتَها على حَدثِ الأيــــام ِ للمرءِ تشفعُ
ولكنَّ لـيـتَ الشــيءَ طـلبة ُعـاجزٍ فما هيَ إلاّ للأمـــــانيِّ مَـــــــرتَعُ
أرى الموتَ للأحيـاءِ فرضاً وسنة ً فـكيف بنــا من واقع ِالأمرِ نجزعُ
يطـوفُ عــــلينا بُكــــرةً وعــشيةً يُغيـــرُ على هــذا وذاك يـــــروِّعُ
تسيـرُ إلى الأجـداثِ زحفاً نـفوسُنا على غيرِ ما نخـتـــارُ أو نتــوقـّــعُ
فإنْ نحن لم نــدركْ حقيقة َكُنـْهـِها فكـيف بنــا والرِّجــلُ للقبرِ تضْـلَعُ
فنفسُكَ أمـسَـــتْ للمــنـايا رهيــنة ً فهل أخطــأَ الصَّــيادُ طـيراً يُلَعْـلِعُ
فكأسُ الــرَّدى لاشــك َّ مُـرٌ مذاقُهُ ولكـــنه وِرْدٌ بهِ الكـــلُّ يـــكـــرعُ
فنحن حَصادُ الزرع ِوالموتُ مخلبٌ وكلُّ غُصين ٍشارفَ القطعَ يُـقطَعُ
فمالك إلاّ مَغْرِبَ الشمـس ِمغـرب ُ ومــالك إلاّ مطــلعَ البــدرِ مَطْــلعُ
ومــالك إلاّ لحــظة َالعـمـرِ لحظةٌ ومالك إلا حفـرةَ القــبــرِ موضِــعُ
فلا تَخـدِشَنَّ الجُرحَ وهْو مُضَمَّـدٌ فإنَّ شفاءَ الجُــرحِ بالـتَّــركِ أنجـعُ
ولا ترفَعَــنَّ السقــفَ بعدَ اكتمالِهِ لأنَّ بُـلُوغَ الشَــيءِ للـــحدِّ مُقـْنـــعُ
ولا تـطـــلــبنَّ المــالَ إلاّ قَـليـلـَـه ُ لأنَّ كثيرَ المال ِللإرْثِ يُــجَــمـــعُ
فكم جامعٍ للمـــال ِقُـــسِّــم َبعـــدَهُ ومن وارثٍ جَبْس ٍلَهُ المالُ يُـدفَـــعُ
وكم من غنيٍّ وسَّـــدَ المـالَ غيرَهُ وكان ضعيِفَ النـّّفسِ للشُّحِّ مَــنـقَعُ
لئن كنتَ ذا مالٍ فــإنّـــكَ مَغْــنَـمُ وإن كـنتَ مِعْــوازاً فما بكَ مطْمَـعُ
تمرُّ بك الأيّــامُ تَــتْـرى سـريعةً وأنتَ عـــلــى ظهــرِ السـفينةِ تَرْتَعُ
فهاهيَ أرحــــامٌ تجــودُ بِـدفعِـها وها هيَ أرضٌ للخَــــلائقِ تـبــلَــعُ
فكلُّ نزيلٍ لو تطـاولَ عــــمــــرُهُ له كفـََنٌ من خالص ِالقــطـنِ يُصنَعُ
وكلُّ عُقَابٍ حـــلَّــقَ اليومَ عـالياً فليس له عن أسفـل ِِالسَّفـْــحِ موقِعُ
فمالكَ من دنياكَ يا صـاحِ بعـدَ ذا سـوى صالح ِالأعــمالِ للّهِ يُــــرفعُ
فيا أيُّها المغــرورُ تلـقـاك بعدَهــا وقد فرَّ عنكَ الأهلُ والصّحبُ أجمعُ
فأصبحت َمثليْ يومَ نَغّصَ مضْجََعي مـــرورُ اللّيــالي والليالي تُفجِّـعُ
فأولُ عُمري غَـفْـلـةٌ وطـفُـــولَــةٌ وآخــرُ عمــــري غصَّــةٌ تُتَــجـرَّعُ
ألم تـــر أنـي قدْ رُزِئْـــتُ بوالـــدٍ وواصِــلِ رَحْــمٍ للقـــرابـــةِ مَجْمَعُ
فما لذّ لي عيشٌ ولا ساغ َمشربُ وما طابَ لي نوم ٌ كذاك ومـهــجَــعُ
رُزِئتُ به ليـــلاً وكنت ُ بقُـــربِـهِ أُحدِّثُهُ حيْناً ولــيْ هُــــوَ يـــســمَـــعُ
وما علمتْ عينايَ عندَ وداعِـــــهِ بأن غريمَ الرُّوح ِللـــبــابِ يَــقْــرَعُ
وأنّ المنايا سوف تُنجِز ُوعـدَهـا فما أمْهَـــلَــتْ حيًّـــا لحيٍّ يُــــــودِّعُ
فيا صاحِ لا دمعاًَ سكبتُ لفُــقــدهِ ولكـــنها عيـنــي لِــروحي تـــــودُِّعُ
فللهِ قلبي ما أشـــدَّ اصْـطــبــارَهُ فكيف رباطُ الجأْش ِوَهْو مُزَعــزَعُ
مشوا بعدَما صلَّواعليهِ وكـبَّروا وقلبـي وراءَ النعــش ِللنــعـش ِيتْبعََُ
أمالُوا بهِ نحْوَ المُوطَّــا بخِــفـَّــةٍ فـذاك لـه يُـدْني وآخــــرُ يـــدفَــــعُ
نحا بعضُهم نَحْوَ اليِمينِ وبعضُهم شمالاً وقلبي بَــينَهــم يــتَــــــوزَّعُ
فيا لكَ مـن لـيــلٍ تــزايدَ ثُـقــلـُـهُ فسُمُّ الأفاعي خيـــرُ مــا أتجـــــرَّعُ
تصبّرْ يقولُ الصّحبُ فالموتُ سنةٌ فكـلُّ مقـيمٍ للدِّيـــــارِ مُـــــــــودِّعُ
ألم ترَ أنَّ الموتَ يسـهـلُ أمـــرُهُ إذا المــرءُ أوْدَى وهْــــوَ للهِ يـركعُ
فمن شابَ في الإسلامِ يا شيخُ شيبةً فـمغِفرة ُ الرّحمِنِ والعفوُ أَسْرَعُ
فقلتُ ومَنْ للبيتِ يرفـعُ سَـقــفَـــهُ وهـــل يُسكنَـنَّ البيتُ وهْوَ مُصَدَّعُ
تنـكَّـــرتِ الأيــــامُ بعـدَ رحــيِلِـهِ ومات َمِنَ الآمـــالِ ما كنتُ أزْرَعُ
ترحَّــلَ عنّــا جـامِعُ الـشملِ كلِّـهِ فللّهِ أرْحَـــــــامٌ بدَتْ تتــــقـــطَّـــعُ
فيا والدي يا خيـرَ جـــامِعِ أسرَةٍ على القطعِ بعضُ الأهلِ بعدكَ أجمعوا
وداعاً وداعاً أيُّها الشـيــــخُ إنني سأبقَي كئيباً وَاهِــيَ العــظمِ أضْـلَعُ
سأذكر أيّـــــاماً وبيـتـــاً بنِــيــتَهُ وتربية ً للرِّفقِ واللِّيــــــن ِتخضَـــعُ
قريبُ مــزارٍ أنـتَ لـســتَ بعيدَهُ خُطا الرِّجلِ بينَ البيتِ والقبرِ أربََعُ
عليك ســلامُ الله ِيا أيُّـــــها الـذي عليهِ جديدُ التُّرْبِ بالأمـــس ِيُرفَعُ
عليكَ ســلام ُالله ِ مِنِّي تـحــيّـــة ً ومن كلِّ غيثٍ صادق ِالبـرق ِيلمعُ
عليـك َ سلام ُ الله ِ ما لاحَ بارقٌ ومن كلِّ طيرٍ خارجَ العشِّ يَسْجَعُ
وأختـمُ قـولي بالصلاةِ مــســلماً على خيرِ هادٍ قام بالحقِّ يصَــــْدعُ
*****************
تــ م ــت بحمدالله