السبت، 26 مارس 2022

(وقفةٌ معَ النَّفسِ ما بين هَمْسٍ ولَمْسٍ)


إذا شابَ رأسُ المرءِ شبَّ فؤادُهُ

                 وسبـَّـح للهِ العـلي ِّ وكبــَّــرا


هذه أبياتٌ من الطويل وقافيتـُها من المُتدارَك ..

مهداةٌ إلى من تبقىٰ من إخواننا وزملائـِنـا

 وإلى من تمضمض السبعين واستنشق الثمانين من جيلنا 

ومسح الرأس صاعدًا إلى التسعين وما بعدها - مد الله في عمر الجميع - .


و جزى الله خيراً كل من أعان على نشرها لما فيها من عموم الفائدة .. 


*********

الأبيات


أرى الصُّبحَ أعلى الرأسِ أضحى وأسفرَا        وجُـنــحَ ظــلامِ اللَّـيـلِ فــرَّ وأدبـرا

غزا الشّيـــبُ مني الرأسَ هامـاً ومفرِقـاً         عـــلاه جـمـيـعـــاً فاسـتـنارَ وأقمرا

أَحــــــلَّ سـريعاً فاسْـتَــــــنـــاخَ مطيـَّــه         فـيا لــيـتــه عـنـِّـي قـليــلاً تـأخــرا


وما كــنـــتُ مُـــستـــاءً ولا ضــائـِقاً بِـه         ولـكـــــنْ غـشــاني فـجـأةً ومُبـكرا

فـمــا دام مَسَّــــانا وَحـــــلَّ بـــأرضِــنـا         فأهـــلاً به ضــيــفـاً كــذا ومُذكِّــرا

يــــذكـــرنا أيّــــــامَ لهـــــــوٍ وغــــفـلةٍ         ووقـتـاً أضـعـــنــاه كــثـيراً وأكثرا


يــــذكـــرنا أهــــلاً كـــــراماً ترحّـــلوا         وعِــشـــــرةَ أقــرانٍ ووقـتاً تغـيّـرا

يــــذكـــرنا جيــــــلاً تعـــطَّــــر ذكرُهم         لِـنكـــثــرَ إعـجــاباً بهــم وتـفـكُّــرا

يــــذكـــرنا ما مـــرَّ بالأمــــــسِ كــــلِّه         لِنَجـــبـــرَ عـظــماً واهـنـاً ومُكسّرا


يــــذكـــرنا والـذكـــــرياتُ كــــثـــيرةٌ          وللشَّـيخِ تبـدو بعـدُ أقـوى وأجْـــدَرا

ولا سِـيّــما إنْ كان في النـــومِ غــارقـاً          فهـَــبَّ ســـريعــاً فاستفاق وأبْصـرا

اذا شــاب رأسُ المـــــرءِ شَـــبَّ فؤادُه          وسـبَّــــــح للهِ العــــليِّ وكبَــّـــــرا


ولازم قــــــرآناً وروضــــةَ مسجـــــــدٍ         ورتّـــل ما شـــاء الإلــهُ ويـسّـــــرا

يـنـاجي ويـــدعــو ربَّــــه مُتَــــضَـرِّعاً         ويـطــلـبه صـفـــــحاً لذنـبٍ تـسـتَّرا

له وَقَــــــفــــــَاتٌ عــــنــــد كلِّ تِــلاوةٍ         وإن فـاتـــه معـــنىً بـكــى وتكـدّرا


له نَــظَــراتٌ بعـــــــدَها وتَـــوقُّـــــــفٌ         لِيـمـسحَ جفـــناً بالـدُّمـوعِ تـعــطَّـرا

تــظــــــلُّ دمُوعُ العينِ عند هـطـُــولِهـا         على الخـدِّ مَجْــراها كـسيـلٍ تحـدّرا

وباللـيــلِ ما أدراك لو قــد رأيــتَــــــهُ          مقــيماً على الأقــدامِ حتى تَـفـطَّــرا


ومـــاذا إذا مــا خَــــــرَّ لله راكِـعـــــاً          مُـنـِيــبـاً بقـلـبٍ خـاشعٍ قـد تـكـسَّـرا

له سَـــكَـــنَــــاتٌ حــيــنَها وتــذكُّــــــرٌ         لـماضٍ مضى أو حاضرٍ قد تَـعـثَّـرا

يـحـــاسبُ نـفـساً بالـذنـوبِ تـَسرْبـَـلـتْ          عسى الذنبُ عنها أنْ يُـزاحَ ويُغـفرا


يُـسائــلـها والسُّــــؤْلُ للــنـفـسِ عـــادَةٌ          يكاشِفُها عن كلِّ ما ابْتاع واشْـتــرى

يُـــــراجعُ أعــــمالاً تجـــــلَّـى كثـيرُها          لِـيـنــظرَ ما مـنهـا تــزكّى وأثـمـرا

يـقــلِّـبـها ما شــــاء من كـــــلِّ وِجْـهـةٍ           لعــلّ مَـشِـينـاً لم يـكـن قـد تـكـرّرا


ذنــوبُ الفــتى كم لِلــــثُّريَّا تـجـاوزت           فهـيهـاتَ يوماً أن تُـعـدَّ وتـحـصَـرَا

فكـيف بمن أمضى الثمانـين ســــادراً           وظـلَّ على لهوٍ وعــاش مُـقـصِّــرا

فأنـَّــى لـه بعــدَ الثـمانــين تـــوبـــــة ٌ          إذا هـــوَ يـوماً آبَ بعـدُ و أَبـصَــرَا


أقــولُ فـعــفــوُ اللهِ يَــسـبـِـقُ عــدلَـهُ           و إن هـو أمـسى بالذُّنوبِ مُـعَـفـَّـرا

وأخـتــم قولي بالصــــــلاةِ مُـــسـلِّـماً          على خيرِ هادٍ قام في الناسِ منـــذرا


******************

 تمت في   1443/5/10 هـ