الخميس، 15 فبراير 2018

مرثية الشيخ علي بن صالح المنسلح (رحمه الله)


هذه مرثية أخي الشيخ علي بن صالح المنسلح رحمه الله ، المتوفى في الخامس عشر من شهر محرم في السنة الثانية عشرة وأربعمائة وألف هجرية .
وهو أحد رجالات التعليم وموجهي التربية الإسلامية بمنطقة القصيم ببريدة .
وافاه آجله وهو يؤذن لصلاة المغرب في مزرعته شرق مدينة بريدة وهكذا تكون نهاية منْ منّ الله عليهم .
كان رجلاً فاضلاً صالحاً مخلصاً في عمله دمث الأخلاق سابقاً لزملائه محباً لأصدقائه خفيف الظل طيب العشرة لا يمل حديثه رحمه الله ..

انتهت هذه المرثيه وتم نشرها في ١٤١٢/٢/٢٠ هـ
وهي من "البحر الطويل" وقافيتها من "المتدارك"


الأبيات

*****

ستـنـظر في دنـيـــاك عــــدلاً ومائـلا        وترقب في الأخـوانِ مِـثْــلاً مْماثِلا
وتـسلـبـــك الأيـــامُ عـمــراً قضــيتَــه        ويقطع سهمُ الموتِ ما كنتَ واصِلا
وشـمـسُــك تـبــدوا للـمغــيبِ قــريبـةٌ        ونجمُك يـمـســـي في العشـيةِ آفِـلا

ويُـصْـــرم باقـي العـمــرِ منك مبـكراً        ولو كنتَ من أجلِ البقاءِ مـحـــاولا
وتخـلـفـك الآمــــالُ ظـنـاً طـنـنــتَــــه        وتُبدي لك الأيّامُ ما كـنــتَ جــاهلا
وتـسـمـــــع منها ما حـيـيـتَ بـمـيــتٍ        إلى أن يكونَ المــوتُ عـنـدك ماثِلا

ولو عـلــم الإنـســــانُ سـاعـةَ مــوتِـه        لظلَّ نحيفَ الجسمِ افــحـــــمَ ناحلا
يروح قـصيرُ العـمــرِ من كان عاملا        ويبقى طويلُ العمرِ من كان خاملا
إذا ماالـمـنـايا أخطـئـتـك سهامُــــهـــا        ولم تر منها عالياً صــــار سافـــلا

ولم تر جمعــاً فــرّقــتْ لك شــمـلَـــه        فهاك جوابَ الصدقِ إن كنتَ سائلا
يمـوت الفــــتى من غيرِ سابقِ علمِـه       على غرّةٍ يَصطادُه المــوتُ غافــلا
ولم تنقضِ الحاجاتُ أوبعضُ بعضِها        ولو أنّه بالـشّــيبِ أصــبــح غاسـلا

صـروفُ الـزمانِ حـالـكــاتٌ ليــالِهـا        فحـسـبـك منها أنْ تــريك القــلائلا
فكم من فتىً قد ضيّع العمرَ ســــادِرا        فلما تـقـضى الأمرُ عــضّ الأناملا
وكــم هـــادمِ اللّـــــذّاتِ شـتـتَ أسرةً        وكم هدّ حصناً كـان في الناسِ آهلا

أبا صــالحٍ ما كـنــتُ فيـــــك مصدقاً        بأن طويـلَ العــمـــرِ زارك عاجلا
أبا صالحٍ ما أخـــلـف الـموتُ موعِداً        ولا أخطأ الصيـادُ فـي الجـوِّ جائلا
ولا مات مَن قد مات وهْــو مـوحـــدٌ        ولا شحَّ مَن للنفـسِ أصبـــح بــاذلا

ولا مــــات مَن قد كــان آخرُ عــهدِه        آذاناً وحــمــــداً ثم شــكــراً مُمَاثِلا
أبا صالـــحٍ فـارقـــتَ بـيـتَـــك وقتَهـا        لتسقيَ في وقـتِ الأصـــيلِ  فسائلا
وما علِــمت عيـــــنـاك أنّ غريـمَهـا        يُريدك حتماً عــاجلاً ليـس آجــــلا

أبا صـالحٍ فالـخــلقُ والكــلُّ راحـــلٌ        فبدءُ حصادِ الزرعِ أصـبـح شـاملا
أبا صـالحٍ كـيف الأمـورُ تحــوّلـــت        أفي اللّحدِ باقٍ أم قطعـتَ مــراحلا
فآخِرُ عهـــــــدي يومَ كنتَ مـكـفــناً        وقام قويُّ القـومِ في القــبـــرِ نازلا

ويــومَ رأيـــتُ اللّـحــدَ ضمّك ضمةً        وصار جديـدُ التربِ دونَــك حـائلا
وشيّـعــك الـتـعليــمُ حتى حـسـبـتُـــه        يجــرٌّ حـشـــــوداً أو يقـود جحافلا
لـقـد كـنـتَ في التعـليــمِ خيرَ موجـهٍ        وخيرَ حكيمٍ يحــســمُ الأمـرَ عاجلا

وقـفــتَ على رجــــلٍ تـؤدي رسالةً        مواهب للتعليمِ حـلّـــت مشـــــاكلا
ثلاثــــــين عاماً أو تزيدُ قضـــيـتَـها        فخرّجتَ جـيــــلاً للـثريّـــا مُطاولا
أبا صـالـحٍ منــي العــزاءُ مقــدمـــاً        لأهلِك والأخـــوانِ أبـعـــثُ عاجلا

أبا صــالحٍ هـــاكَ الرثـــاءَ هــديـــةً        فمعذرةً إن لم يـكـــــن لـــك شاملا
أرانــي إذا ما قــمــتُ للـنـفسِ راثيا        يظلُّ قريضُ الشعرِ خصـماً مُنازلا
عـلـيــك ســلامُ اللهِ مــنـي تحـيـــــةً        ومن كلِّ مزنٍ أنزل الغـيـثَ هاطلا

أقــول إذا مــــالاح في الأفْقِ بـارقٌ        سقاك إلهُ العــرشِ قـطــــراً ووابلا
وأخـتــم قولي ذاكـــــــراً لمـحـمـــدٍ        رسولٍ أبان النورَ والــحـــقَّ كامـلا


********
تمت بحمد الله