الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

مرثية الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي

            


     هذه مرثية فقيد الإسلام  فــقـيـد العلم  والمعرفة :

الشيخ صالح بن إبراهيم البــلــيـهي الذي وافــــاه أجله المحتوم عصر الجمعة في الثالث من شهر جمادى الأولى سنة عشر  وأربعمئة ٍ وألف هجرية إثر إصابته بمرضٍ عاش معه طويلا  وتعذر علاجه .

لقد مات رحمه الله مخـلفـًا وراءه أعمالا جليلة لا تنسى له .
فهو مؤلف فقه السلسبيل , ويا فتاة الإسلام , وعقيدة المسلمين ومجموعة من الرسائل وهو أيضاً مؤسس جماعات تحفيظ القرآن ورئيسها , وهو صاحب فكرة إنشاء معهد القرآن لتأهيل المعلمات , وهو أيضاً مقيم الجماعات الخيرية .
عمل رحمه الله مدة طويلة في معهد بريدة العلمي مربياً ومعلما وعُرض عليه القضاء فأبى .
وكان رحمه الله واعظاَ ومرشداً ومفتـيــًا يمتاز بالحلم وسعة الصدر والتسامح والتواضع وحبه لتلاميذه وترحيبهِ بهم وكان دقيقــًا في تحري الدليل الصحيح .
 وكان رحمه الله يـغـشى أماكن الشباب وأنديتهم يدعوهم ويفقههم في الدين حتى حول الكثير منهم إلى حفاظ للقرآن و أئمة مساجد   
رحمه الله رحمة واسعة وأسكـنه فـسـيح جناته إنه سميع مجيب .
15/ 5/ 1410هـ




==================== 
 الأبيات 



ألا لا أرى الأيـــــامَ إلا غوالـبــــــا           ولـلمرءِ مــهـما فــــر إلا طوالــبـــــا
ولـم أرَ شيـئـًا قـــارب اليومَ غـــيرَهُ          كـذلـك إلا  صار في البعـدِ راغــــبا

ولم أرَ غـيرَ الناسِ يمضي خيارُهـم          فــيـبـقى قـليلُ الصبرِ لـلحـظ ِّ  نادبـــا  
فــلو لمَّ  قــومٌ بالتجــمُّعِ شــــملـَهـم           فـأنىّ لهـم والدهـــرُ أصبحَ شـاعِــــبا

فكم قــام يشكو الدهـرَ حيٌّ لـمـيــت ٍ         فما كان غـيـرُ الصمـتِ عـنهُ مُجاوبا
 وما الـموتُ إلا قـــاذفٌ بـحــبـالِـــهِ          ولـيـسـت حـبـالُ الموتِ الا جـواذبــا

وما المــوتُ إلا غـالبٌ لِخـصـومِــهِ          ولـيـسـت سهـامُ الموتِ إلا ضــواربا
فـسبحان مَن قد سـبْح الرعـدُ حمـدَهُ          غـفوُر ذنوبِ العـبـدِ إنْ جــاءَ تائــبــا

تـشـدُّ المنايا في الـنفـوسِ حِـبالـَهــا          وتأتي على الوعـدِ الذي لـيـس كـاذبــا
فـإن كـنتَ تلهـو في حياتـِكَ لاعــبًا          فلا تـحـسبـنَّ الـمـوتَ يـَعـذرُ لاعـِــبــا

يروحُ الفـتى من غيرِ سـابـق ِعـلمِه ِ        وتـــطـردهُ الأيـــامُ لـو كــــان هـــاربا
وتـغـلـِبُ أحـداثُ الزمـانِ نـفـوسَنـا          فهـل أحـدٌ لـلـدهـــرِ أصبـَـحَ غـالِـبــــا

ويُصعقُ أهلُ الأرض ِإن غاب بدرُهم        ويغـدو رئـيـسُ القـومِ يشكـو المصائبـا  
يظـلُّ جـريـحَ القـلبِ للـدهرِ شاكـيـا          وإن ظـنـَّهُ المأخـوذ ُلـلـدهـرِ صـاحِـبـا

تـَخِـرُّ الجبالُ الصُّـــمُّ إن هُـدَّ رُكـنُها         وتبـقى العـيـونُ الـباكــياتُ سـواكــبــا 
ويهـتـزُّ هذا الـكونُ إن مـاتَ عــالـم ٌ         وتمـسـي نجومُ الـليـلِ منهُ غــوارِبـــا

كمثـلِ الذي هـــزّ الـقـصيـمَ عـشـيـة ً         فـبـاتَ طوالَ اللـيل ِيرعى الكواكِبَـــا
توالى عليهِ الحــزنُ من بعــدِ شـيخِه           فصـارَ قـليـلُ الصبـرِ ضـِدًا مُجانبــا

إذا غـاب عـنه الهـمُّ يـومـًا سـويعـة ً         أراحَ عـليـهِ الـليلُ ما كــانَ عــــازبــا
أُصيـبَ بشـيـخ ٍقـد تـعـجّـلهُ الـرّدى         وأنــشــبَ بالأحــشـاءِ مـِنــهُ مَخـالِـبــا

فـظـلَّ طـويـــلاً لـلـمنـايـا مُغـالِبــــًا          وبـاتَ عليـلا ًناحـــفَ الجسمِ شاحـِـبــا
أُصيـبَ بـشـيخٍ قـد تـعــصَّى عـلاجُهُ         فـأصبـحَ مـن كـأسِ المنـيـةِ شـــاربــا

أُصيـب بـشـيخٍ لم تـرَ العينُ مـثـلَهُ        نـقـاءً وزهـدًا راجـحَ الرأي ِ صــائِـبـــا
فــذاكَ هو الشــيخُ البُـليـهيُّ صـالـحٌ         مُـؤلـِّفُ ِفــقـْـهِ السـلسـبـيـلِ مـَذاهِــبَـــا

مُـقــِيـمُ جـماعـاتِ الكـتـاب ِالمـنـَزَّلِ         ومُوقـظ ُخَـالِ الذِّهـنِ إن كان غــائـبـَـا
أبو الفضــلِ والإحـسـانِ أولُ عــالِـمٍ        عـرفـنـا لأهـلِ الذكـرِ أحـيـا مـكـاتـبــا

عـلـيـكَ سـلامُ اللهِ يا شـيــخُ صـالـحُ          فـلمْ أر شــيـئــًا كالـدعــاءِ مُـنـاســبـــا
أبــا الجـودِ كـمْ بـاللهِ قـُمتَ مُجـاهِـدا         وكــم قـمتَ تسعى لـلفـضيـلةِ دائـبـــــا

وكـم وقـفــةٍ بـاللهِ يا شــيـخُ صــالـحُ         وقـفـتَ بـهـا تـدعـو الجمـيـعَ مُخاطبــا
وكم قـمتَ تـخـطـو بالشـبـابِ مُعـلما         فرغـَّبـتَ بـالـتـعـليـمِ مَن ليس راغـبـا

وأيـقـظـتَ بالقـرآنِ من كـانَ غــافـلا         وأركـبـتَ لـلعـرفـانِ مَن ليسَ راكـبـــا
وقـَوَّيـتَ بـالإيمـانِ منــهـمْ عـزائـمـا         فـأبـقـيـتـَهـم يسْـتـَسهـِلونَ المصاعـبــا

و أوجـدت َحُـفـّـاظـًا لـنــا و أئـِمــــة ً        فـَخـَرّجـتَ مـنـهـم نـُدرَة ًوعـجـائـبـــا
وبالـفـقـهِ والتـوحـيـدِ يا خــيرَ عـالـمٍ         أزلـتَ عـن العـيـنِ الـقـذا والشوائــبـا

فمن سَنَّ في الإسـلام ِيـاشـيـخُ  سُـنة ً        كـما قــد سـنـنـتَ اليـومَ نـالَ المآربــا
لـقـد كـنـتَ حــلاَّلَاً  لكــلِّ المَـسـائـــلِ        تـُجـِيـبُ عـليـها مـذهبــــًا ومَذاهـبــــا

وقـد كـنـتَ عـونـــًا للـتـقيِّ مـُسـانــدا        وعـشـتَ لأهـل ِالشـرِّ سـيـفـًا مُحاربـا
سَـمـوتَ بأخـلاقٍ وعـلـمٍ  و رِفـعـــةٍ         فـحولـتَ آمـالَ الـشـبــابِ مـطـالـبــــا

وقـلـتَ لهـم إن الحـيـاةَ قـصـيــــــرةٌ         كـفـاكَ إلهُ العــرشِ ربــــًا مـحـاسـبــا
فـمـا مـاتَ لـمـَّا مـِتَّ عـــلـمٌ مـخـلـدٌ         وما ماتَ من قد كانَ في اللهِ كاســـبــــا

وما مـاتَ لـمَّا مــتَّ ذكــرٌ مــحـبـــبٌ         ولكـن سـيـبـقى لـلقــلوبِ  مُصاحبا
سيـبـقى الذي خـلفـتَ ذكرًا معـطـرًا         ونورًا أمـامَ الـنـاسِ يـجلـُو غــيـاهـبــا

فإن أنس َ شيئــًا لستُ ياشيـخُ ناسيـا         سـنـيـنَ وأيـــامًا شـحــذتَ مـواهــبــا
 سـنـيـنَ لهـذا الجـيـلِ قـمـتَ مُـربـيـا         وبـالـمـعـهـدِ العـلمـيِّ أديـتَ واجـبـــا

فـمـــا الـنـاسُ إلا لـلإلــهِ شـهــــــودُه        تـرى ذاكَ في يـومِ الجـنـائـــزِ غـالـبـا
فـلـم أرَ إنـسـانـاً مـشـى البحـرُ خـلفَه         كـيومِ رأيـت ُ الموجَ خلفـََكَ صاخِــبــا

يـمـوجُ وفـــاءً بالـمُــوطـَّا مـودِعـــا         وما كـان مـما دبـــَّر اللهُ غــاضــبــــا  
فـلـيـتَ المـنـايـا لـم تـطـلـك حـبـالـُها         ولـيـتَ رهــيـنَ الـلحـدِ يَـقـفـُل آيـِـبـــا

وليـت المـنـايـا أخـطأتــكَ سـهـامُــها        ولـيـت شـظـاهـا عـنـك طـوَّحَ جانـبـا      
ويـا ليـت  لـيـتـــًا لـلنـّوائـبِ تـَدفــــعُ         ولـكـن لـيـــتــًا لا تــرد الـنــوائــبــــا

لِـيـَبـْكـِكَ مِحــرابٌ ومِـنـْبــرُ مـسـجـدٍ        دعـوتَ عـلـيه الـنـاسَ أمسٍٍ مُـخاطِبـا
لـِيَـبْـكِـكَ أيــتــامٌ وصـــبـيـةُ مُـقـْــتــِرٍ       وزوجة ُبعلٍ راحَ في الأرضِ ضاربا

لِـيَـبـكِـكَ مـسـكيـنٌ وصاحـبُ حاجــةٍ        وقومٌ  ضِمَارُ البطنِ باتوا سَــواغِــبــا
فـَيـا ربُّ أجـمـل صبـرَنـا وعزاءَنـــا        بـشـيـــخٍ عـلـيـهِ الكـلُّ أصبـحَ نادبــــا

رُزِئــنـا بـشـيـخٍ طـيـَّب اللهُ قــبـــــرَهُ        وكـلـَّلـهُ  زهــــرًا ومـُزْنـًا سحـائـبــــا
دَعَـتهُ المـنـايـا فـاســتجابَ لـصـوتِهـا        ولـبـى نـداءًا كــانَ حــقــًا وواجــبــا

فـلـيـس لـنـا إلا لعـــــزاءُ  تـــحـيــــة ً       ولـيـس لـنـا غـيـرُ الـتـّجـلـُّدِ صاحـبــَا
وأخــتـمُ قــولي بالصـلاةِ مــسـلـمــــًا       عـلى مَـن أبـَـانَ الحـقَّ أبـلَجَ ثــاقــِـبــا
نـبـيِّ الهــدى خـيـرِ الأنـام ِمـحـمــــدٍ        على شـاطـئِ الإيمـانِ أرسى مَراكِـبـا


 ===============
انتهت