غـيـابُ العـقـلِ أولــُــه الــغـبـــاءُ وسـمــلُ الـعــينِ آخــرُه العـماءُ
وغــيُّ الجـهـلِ يعـلــو كلَّ غـــيٍّ وجُـرحُ القـلـبِ ليـس لهُ شـفـــاءُ
وهـمُّ الـنـفسِ هــــمٌّ مـسـتــديــــمٌ إذا مـا عـمَّ وانـتـشـر الـبــــــلاءُ
و تـركُ الأرض ِلـلوجهِ الغريـبِ قـريـبـًا سـوف يتـبـعُـه الجــــلاءُ
فـهـل أحـدٌ يـقـيــــــم بـظــلِّ دار ٍ إذا مـا عاب و انـهـــدم الـبـنـــاءُ
وصـاحَــبَ ذاكَ إعـصـارٌ ووبـلٌ فـخـرّ السقـفُ وانكـشف الغـطاءُ
و بـاتَ الـنــاسُ في ليـــلٍ بـهـيـم ٍ وقــرّ الـبـردُ و ابـتـــلَّ الـــرِّداءُ
وحـوّلتِ الجـبالُ على الـسّــفـوح ِ وزاد العـصفُ و انْهـمر السـماءُ
وطـوّحـتِ الذئـابُ على المراعي ذئـابُ الإنــسِ ليـس لـهـا عــواءُ
فلـم تـتـركْ بها أثـــــرًا لعـــيــن ٍ فـجـفّ الضرعُ وانـقـطع الثـُّغاءُ
تـكاثـرتِ الذئـابُ عـلى القـطيــع ِ وبعـد هُـنَيـهــةٍ طـُــويَ السِّــقـاءُ
وزاد الـكـيلُ طـفحـًا واحـتـدامًــا فـكـان الوعـدُ ذلـك والـجــــزاءُ
كـجنةِ ربـــــوةٍ كــــانـت لـقـــوم ٍ عـلاها المـاءُ فازدهـر الـنـّـمــاءُ
يـفـوحُ المـسـكُ و الريحـانُ مـنها فـيعـبَـقُ كلـّـمــا رقّ الـهـــــواءُ
تـهصّرتِ الـغـصونُ من الـثمار ِ فـكـان الخـيـرُ يـغـدقُ والرخــاءُ
تـباعـدَ أهلـُهـــا عـنهـا وصـــدُّوا فـغاض الماءُ و انـْبـتر الـرشـاءُ
فـأصـبح نـبـتهـا الزاهي هـشيـمًا فـشط َّ الأمـرُ وانكــفـأ الوِعـــاءُ
وعـاثَ الأجـنـبـيُّ بـها فـــســـادًا فـيـقـتـل ذا ويـأسر مَن يــشـــاءُ
ويـنــهــبُ كـلمــا مـسَّــــت يـداهُ فـغـاب الأمـنُ و اشـتــدَّ العـنـاءُ
ودُمـِّرتِ البـيـوتُ بـسـاكـنـيـهـــا وغصّ الـسِّجنُ واستشرى العداءُ
وهُـدِّمت المـساجـدُ و الحـصونُ وعُــطــلـتِ الـمــواردُ والـدلاءُ
وسـكـّرت الـمعـابرُ و الـحـــدودُ فـخـاب الظـنُّ و انـقـطع الرجاءُ
وأصـبحـتِ البـلادُ بِلا رقــــيــبٍ فـدبّ الخـُلـفُ وانـتـُزِع الـولاءُ
وزاد الـبعـدُ بـُعدًا و اغـترابـــــًا فـأنـّى بعـد ذا يُـرجــى الـِّلــقــاءُ
و أجْـدَبـتِ الـمـراعي و الديـــارُ فـلـيـس بـها حــيـــاة ٌأو كـــلاءُ
كـذاك الأرضُ باتـت والـســمـاءُ تـصيـح الـغـُرْبُ فـيها والحـداءُ
و كـانَ الـقـــومُ في نومٍ عـميــق ٍ فهـم في الـبعـدِ و الموتى سـواءُ
وما عـلمـوا بما قـد حـلَّ فـيهـــم و كـيـف لهم بهم وجـب العـزاءُ
فـلمَّا اسـتـيقـظوا خلصوا نجيــّـا و لـكـن بعـدما نـزل القــضـــاءُ
وداسَ الأجـنـبّـُي على الـرُءوس ِ وطــاح التـاجُ وارتـفع الحـــذاءُ
و ظـل القـلـبُ يَـدْمى بالنزيـــفِ نـزيفُ الـقـلـبِ ليـــس لـهُ دواءُ
******
تمت بحد الله
******
تمت بحد الله